logo

الثروة السمكية في العراق مهددة بالانقراض.. ما السبيل لإنقاذها؟

15 يناير 2023 ، آخر تحديث: 15 يناير 2023
الثروة السمكية في العراق مهددة بالانقراض.. ما السبيل لإنقاذها؟
الثروة السمكية في العراق مهددة بالانقراض.. ما السبيل لإنقاذها؟

شهدت الثروة السمكية في العراق تراجعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة بعد أن كان إنتاجها وفيرا، حتى بلغت نسبة مساهمتها في خزينة الدولة نحو 25% من الناتج المحلي وفقا لبيانات سابقة.

شح المياه وما لحقه من ارتفاع الملوحة وغياب الدعم الحكومي والاصطياد الجائر واستخدام وسائل صيد بدائية أدى إلى تراجع كبير في إنتاج الأسماك حتى باتت مهددة بالتلاشي.

أبرز المشاكل

تنتشر في مياه العراق أنواع عدة من الأسماك، أبرزها الكارب والكراف والسلفر والكطان والبني والشبوط وغيرها، وتتراوح أسعارها بين 3.8 دولارات و12.7 دولارا للكيلوغرام الواحد.

ويعد أكل السمك من الوجبات المفضلة لدى العراقيين وعلى رأس قوائم موائدهم، وتحديدا أكلة "المسكوف" الشهيرة، ولا سيما عند سكان المحافظات الجنوبية.

وأشارت تقارير إلى تراجع حصة الفرد العراقي من لحوم الأسماك المنتجة محليا لتتراوح بين 0.9 و2.4 كيلوغرام في السنة مع ارتفاع الأسعار، في حين تؤكد معايير لمنظمة الصحة العالمية حاجة الفرد من لحوم الأسماك بما لا يقل عن 6.5 كيلوغرامات سنويا.

وتؤثر الأزمة المائية التي يعاني منها العراق منذ سنوات بشكل مباشر على الثروة السمكية، وهذا ما هدد واقع الكثير من بحيرات الأسماك، ومنها الواقعة على حواف الأنهر، لتوقف على إثرها وزارة الموارد المائية في عام 2021 منح إجازات (تراخيص) البحيرات أو الأحواض العائمة بسبب الشح المائي.

أبرز التحديات

وتشير المعطيات إلى أن إنتاج العام الحالي سيتراجع إلى نحو 400 ألف طن أو أقل بسبب قلة الأمطار والفيروسات التي أصابت الأسماك، وهذا ما يؤيده مدير عام دائرة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة الدكتور عباس سالم حسين.

بلغ إنتاج العراق العام الماضي من الأسماك زهاء 800 ألف طن، منها 100 ألف طن من المزارع المجازة، و700 ألف طن من المزارع غير المجازة، بحسب حسين.

وفي حديثه للجزيرة نت يحصر مدير عام دائرة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه الثروة السمكية في بلاد ما بين النهرين بـ"شح المياه والإصابات المرضية وارتفاع أسعار الأعلاف، ليس في العراق فحسب وإنما في العالم".

أكثر المناطق تضررا

لا يقتصر تهديد الجفاف وشح المياه وتراجع الأمطار في فصل الشتاء على منطقة دون أخرى في العراق، إلا أن الأهوار في المناطق الجنوبية -والتي اعتبرت في وقت سابق من أكثر المناطق إنتاجا للأسماك- باتت الآن أكثر المناطق تضررا بتراجع الثروة السمكية فيها.

وحسب تقارير، كانت الأهوار تنتج شهريا نحو 15 ألف طن، ليتراجع الإنتاج إلى ما بين ألف و3 آلاف طن.

ويشير الدكتور عباس سالم حسين إلى انحسار المياه وتراجعها من 5662 كيلومترا مربعا إلى 550 كيلومترا مربعا في الأهوار رغم أن الأمطار خلال الفترة الأخيرة أعادت إليها الحياة نوعا ما ولكن بشكل محدود.

ويكشف عن دور دائرته في إعادة إنعاش الأهوار والثروة السمكية فيها من خلال إطلاق إصبعيات الأسماك (أسماك صغيرة جدا تستخدم للاستزراع والتكاثر) سنويا بالأهوار من خلال مفاقس الأسماك التابعة للدائرة، بالإضافة إلى إدخال التقنيات الحديثة لتربية أسماك الأقفاص العائمة والنظام المغلق لغرض ترشيد استخدام المياه في ظل شحها.

ما الحلول؟

بدوره، يطرح رئيس الجمعية الوطنية لمنتجي الأسماك في العراق (منظمة غير حكومية) إياد الطالبي مجموعة مقترحات لمعالجة أزمة الثروة السمكية في البلاد، أهمها اللجوء إلى استخدام مياه "المبازل" والأنهار الفرعية التي تبدأ من العاصمة بغداد (وسط) وتنتهي بمحافظة البصرة (جنوبا) ويتجاوز مجموعها 800 كيلومتر.

ويصفها الطالبي بـ"البديل المؤقت"، لكنه ينتقد -في حديثه للجزيرة نت- وزارة الموارد المائية التي منعت مربي الأسماك من استخدام مياه المبازل والأنهر الفرعية والنهر الثالث بعد تقليلها نسب المياه إلى أقل من 50%.

ويحذر المتحدث من خطورة استمرار تراجع معدلات إنتاج الأسماك السنوي لتراكم المشاكل وعدم حلها بعد أن كان الناتج المحلي يبلغ نحو مليون طن قبل عام 2018.

الصيانة والاستنزاف والإصبعيات

كانت الرقابة على الثروة السمكية صارمة جدا قبل 2003، ولا سيما في ما يتعلق بالاصطياد في مواسم التكاثر، وهذا ما عده مراقبون إحدى الطرق التي ساهمت في زيادة إنتاج الأسماك.

لكن بعد ذلك العام تراجعت الرقابة مع شيوع طريقة الصيد الجائر والاستيراد من الدول المجاورة وغيرها، مما دفع الصيادين إلى ترك مهنة الصيد، بحسب الخبير الاقتصادي ضياء المحسن.

ويقدر الخبير الاقتصادي خسائر العراق من الثروة السمكية بنحو 400 مليون دولار سنويا.

وأكد المحسن في حديثه للجزيرة نت على ضرورة توحيد الجهود بين وزارة الزراعة وهيئة الاستثمار وكليات الزراعة في الجامعات العراقية لمد نهري دجلة والفرات بإصبعيات لغرض التكاثر.

واعتبر أن هذه الخطوة ستساعد على صيانة الثروة السمكية وستقلل حجم الاستنزاف الاقتصادي فيها.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024