logo

أيام مريرة تنتظر الجنيه المصري

11 مارس 2023 ، آخر تحديث: 11 مارس 2023
أيام مريرة تنتظر الجنيه المصري
أيام مريرة تنتظر الجنيه المصري

واصل الجنيه المصري هبوطه بنسب طفيفة خلال الأيام القليلة الماضية أمام العملات الأجنبية، بالتزامن مع ارتفاع التضخم لمستويات قياسية، واقتراب مراجعة صندوق النقد المزمع إصدارها هذا الشهر. بالإضافة إلى اقتراب موعد تسعير الفائدة من قبل المركزي المصري نهاية مارس الجاري.

إذ أن التراجع البطيء الذي شهده الجنيه في الآونة الأخيرة قد يتحول إلى تراجع قوي، كما توقعت بنوك ومؤسسات مالية دولية، وذلك شح العملة والفجوة التمويلية التي تعاني منها البلاد. فيما يلي رصد لأهم 9 مؤشرات تدل على أن الجنيه المصري سوف يشهد تراجعًا خلال الفترة القادمة.

مراجعة صندوق النقد 

رغم مساعي الحكومة المصرية لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، إلا أن ثمة عوامل تشكل ضغوطاً أمام مسار الإصلاح على رأسها استمرار أزمة شح النقد الأجنبي، والارتفاعات المستمرة للتضخم بفعل انخفاضات العملة المحلية والتي جاءت أيضاً ضمن مطالب الصندوق بشأن تبني سياسة سعر صرف مرن، بجانب ترقب دول الخليج وعدم دخولهم في صفقات جديدة لشراء شركات مصرية.

وقالت بلومبرغ: وتنتظر دول الخليج المزيد من اليقين بشأن الجنيه، والدليل على أن مصر تتابع التزاماتها بإنعاش الاقتصاد قبل أن تفي بوعودها بتقديم استثمارات حاسمة بمليارات الدولارات.

وحاولت الحكومة تنفيذ شروط صندوق النقد عن طريق اتباع سعر صرف مرن والتوقف عن دعم المبادرات التمويلية المنخفضة، وتقليل مشاركة الحكومة في النشاط الاقتصادي مع إفساح المجال أمام القطاع الخاص، إضافة إلى خفض الإنفاق على المشروعات الحكومية ذات المكون الدولاري، بجانب عن تحريك أسعار الوقود.

فجوة التمويل

يقدر صندوق النقد الدولي فجوة التمويل الخارجي في مصر بنحو 17 مليار دولار طوال البرنامج الذي يستمر 46 شهرًا، ومن المتوقع أن تفتح الصفقة حوالي 14 مليار دولار أخرى من الشركاء الدوليين والإقليميين.

قبل المراجعة الأولى لبرنامج صندوق النقد الدولي الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار المزمعة هذا الشهر، يشير سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم إلى انزلاق أعمق في الجنيه المصري. انخفض عقد العملة لمدة شهر واحد بنحو 4٪ منذ نهاية فبراير إلى 32.7 للدولار، بينما بلغ العقد لمدة 12 شهرًا حوالي 38 جنيه، وفقًا لبلومبرغ.

فقد الجنيه ما يقرب من نصف قيمته بعد ثلاث تخفيضات في قيمة العملة في العام الماضي وتم تداوله بالقرب من 30.9 مقابل الدولار أمس الخميس.

بيع المزيد من الأصول

قال الخبير الاقتصادي في بنك أوف أمريكا (NYSE:BAC) جان ميشيل صليبا في تقرير إن "الوضع الراهن في مصر ضعيف" وأي تراجع في الإصلاحات المرتبطة بخطة إنقاذ صندوق النقد الدولي من المرجح أن يزيد من مخاطر الائتمان، وفقًا للوكالة.

فيما قال جوردون باورز، المحلل المقيم في لندن في شركة Columbia Threadneedle Investments: "إن مصر بحاجة إلى بيع الأصول وتبني سعر صرف مرن خلال العامين المقبلين لسد فجوة التمويل الخارجي وتجنب التخلف عن السداد".

وتابع باورز: "إن الفشل في تنفيذ هذه الإصلاحات يزيد بشكل كبير من المخاطر متوسطة الأجل المتمثلة في الحاجة إلى شكل من أشكال تخفيف الديون". "نعتقد أن مخاطر التخلف عن السداد على المدى القريب محدودة، وعلى المدى المتوسط أكثر غموضا".

وأكد على أن النقطة المحورية التالية للسندات المصرية ستتمحور حول مبيعات الأصول، وأي تأخير هناك من المقرر أن يعمق الأزمة ويلقي بظلال من الشك على استعداد السلطات لتنفيذ الإصلاحات.

ضغوط على الجنيه

قال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في بنك غولدمان بلندن: "إن احتواء توقعات التضخم، وتحسين السيولة المحلية للعملات الأجنبية لتخفيف الضغط المزمن على الجنيه المصري، سيتطلب من البنك المركزي المصري اتباع سياسة نقدية أكثر صرامة في الأشهر المقبلة".

وقال سوسة: "خطر حدوث المزيد من الضعف في الجنيه على المدى القريب ما زال مرتفعًا، لا سيما في سياق المراجعة الأولى بموجب برنامج صندوق النقد الدولي المقرر هذا الشهر".

فيما توقع محمد كمال، عضو مجلس إدارة شركة "ايليت" للاستشارات المالية، استمرار الضغوط على الجنيه المصري خلال الفترة الحالية، والاتجاه نحو تخفيض قيمته بنحو 10% أمام الدولار.

وقال: "إن البنك المركزي المصري يتبع سياسة أكثر مرونة فيما يتعلق بسعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، وهو ما قد يدفع لمزيد من التراجع في قيمة العملة المحلية بسبب ازدياد فاتورة الاستيراد وسط شح العملة الأجنبية بعض الشيء".

وأضاف أنه يوجد بعض الصعوبات في الحصول على النقد الأجنبي من البنوك في مصر، وهو ما يؤثر على سعر الصرف، قائلا: "السوق السوداء للعملة تشهد تحركات مختلفة حاليا عن السوق الرسمية".

عودة السوق السوداء

أوضحت وكالة "بلومبرغ" أن آخر تخفيض لقيمة العملة، في يناير، أدى إلى تجميد مؤقت للنشاط في السوق السوداء. لكن التداول في السوق السوداء انتعش مرة أخرى مع توقع انخفاض آخر في السعر الرسمي، ونقلت الوكالة عن مصادرها قولهم إن التجار حريصون على الشراء والاحتفاظ بالدولار على أمل تحقيق أرباح أكبر في وقت لاحق.

وعادت الفجوة بين سعر صرف الجنيه المصري الرسمي، وسعر العقود الآجلة غير القابلة للتسليم للاتساع مرة أخرى، بعدما تراجعت تكلفة التأمين على الديون المصرية إلى أدنى مستوياتها خلال العام الحالي، وسط مخاوف من المخاطر المحيطة بالاقتصاد المصري، وسياسات التشديد النقدي من جانب البنوك المركزية الرئيسية في العالم لمكافحة التضخم.

أزمة تكدس البضائع

عادت أزمة تكدس البضائع في الموانئ المصرية نتيجة صعوبة توفير الدولار، ولكن بوتيرة أقل من المرة السابقة، وفقا لما ذكره مستوردون لموقع "CNN".

وأرجع المستوردون السبب إلى المضاربة على الدولار في السوق السوداء بعد انتشار أنباء عن تخفيض جديد في قيمة الجنيه، فيما تدرس الحكومة بدائل عدة لزيادة حصيلتها الدولارية، منها دراسة بيع حصص من الشركات المقيدة في البورصة المصرية، إضافة إلى برنامج الطروحات السابق الإعلان عنه.

وقال أحمد شيحة، عضو شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، إن أزمة تراكم البضائع عادت مرة ثانية خلال آخر 10 أيام، ولكن بوتيرة أقل من المرة السابقة، نتيجة البطئ في تدبير العملة الأجنبية مما أدت إلى تكدس نسبي في الموانئ، متوقعا عودة مستويات الإفراج عن البضائع لمعدلاتها الطبيعية خلال فترة من 7-10 أيام، حال القضاء على ظاهرة المتاجرة في العملة الأمريكية في السوق المحلي.

وتكدست الموانئ بالبضائع في أعقاب قراري البنك المركزي بتطبيق نظام الاعتمادات المستندية في الاستيراد، وقيود تدبير النقد الأجنبي للشركات بهدف ترشيد الاستيراد، واستمرت الأزمة أكثر من 6 شهور، ومع بداية العام الحالي تم إلغاء هذه القرارات وتدبير الدولار للمستوردين والإفراج عن كل البضائع المتراكمة.

اجتماع تسعير الفائدة

بعد أن أفادت البيانات الصادرة، أمس الخميس، ارتفاع التضخم في مصر بأكثر من التوقعات، قالت مجموعة "غولدمان ساكس (NYSE:GS)" إن البنك المركزي المصري قد يضطر إلى رفع أسعار الفائدة بما يصل إلى 300 نقطة أساس عندما يجتمع في وقت لاحق من هذا الشهر.

إن رفع أسعار الفائدة بهذا الحجم ليس هو الأول، فمع خفض قيمة الجنيه عدة مرات خلال العام الماضي اضطرت مصر إلى هذه الإجراءات لخفض التضخم. حيث رفع البنك المركزي سعر الفائدة على الودائع القياسية بمقدار 300 نقطة أساس في ديسمبر - وهو أكبر معدل منذ عام 2016 - إلى 16.25٪ لكنه أبقاه عند هذه المعدلات منذ ذلك الحين.

قال بنك غولدمان سابقًا إنه لا يستبعد زيادة طارئة في سعر الفائدة استجابة للضغط المتزايد على التضخم والجنيه المصري. حيث قال اقتصاديون في شركة "النعيم للسمسرة" بعد بيانات التضخم الأخيرة إن المركزي المصري قد يعقد "اجتماعًا طارئًا" لزيادة الفائدة بـ 200-300 نقطة أساس.

وفاجأت لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك الأسواق بترك أسعار الفائدة ثابتة الشهر الماضي، قائلة إنها تقيم تأثير 800 نقطة أساس مجتمعة من الزيادات في عام 2022. حيث يستهدف البنك وصول التضخم إلى مستويات الـ 7٪، زائد أو ناقص 2 نقطة مئوية، بحلول الربع الأخير من العام المقبل.

التخلف عن السداد

ارتفعت مقايضات التخلف عن السداد الائتمانية في مصر، المستخدمة للتأمين ضد عدم السداد، بأكبر عدد في جميع أنحاء العالم بعد الإكوادور في الشهر الماضي، حيث تظهر علامات على التراجع في سوق السندات مرة أخرى. وذلك بعد أن أظهرت المشتقات خطر حدوث انخفاض آخر في قيمة العملة في الفترة المقبلة، وفقًا لوكالة بلومبرغ.

ودفعت الشكوك حول تقدم مصر في متابعة مبيعات الأصول والتزامها بسعر صرف أكثر مرونة الفروق في بعض سندات الحكومة ذات الاستحقاق الأطول إلى حوالي 1000 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية، وهو ما يعد الحد الفاصل لاعتبار الديون متعثرة.

إضافة إلى الأدلة على قلق المستثمرين، تبلغ تكلفة التأمين على ديون البلاد مقابل التخلف عن السداد حوالي 1185 نقطة أساس، ارتفاعًا من أدنى مستوى في تسعة أشهر عند حوالي 720 نقطة تم الوصول إليها في يناير، وفقًا للوكالة.

عبء الديون

تتوقع الحكومة أنه بحلول نهاية السنة المالية في يونيو أن تصل الديون إلى 93% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يظهر ارتفاع معدل الدين خلال السنوات القليلة الماضية والذي تريد الحكومة خفضه إلى 75% بحلول عام 2026.

وتؤدي مدفوعات الديون الخارجية وفوائدها إلى فجوة كبيرة في التمويل الخارجي. وتمثل الفجوة التمويلية الفرق بين العرض والطلب فيما يتعلق بالتمويل بالعملة الأجنبية. ويجب على مصر أن تسدد لصندوق النقد الدولي وحده 11.4 مليار دولار خلال السنوات الثلاث ا.لقادمة

وأدت أعباء المديونية الثقيلة وارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملة إلى زيادة تكلفة خدمة الدين. ومن المتوقع أن تستحوذ مدفوعات الفوائد على الديون أكثر من 45% من إجمالي الإيرادات في السنة المالية التي تنتهي في يونيو.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024