على بعد أسابيع قليلة من انتخابات رئاسية وبرلمانية توصف بالحاسمة، تواصل الأحزاب السياسية التركية حملاتها الانتخابية التي تعرض فيها برامجها ورؤاها؛ في محاولة لإقناع الناخب التركي بالتصويت لمصلحتها. ويحتل الاقتصاد المرتبة الأولى على سلم أولويات الطرفين.
وأعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم برنامجه الانتخابي في 11 أبريل/نيسان الجاري وخصص معظم بنوده الـ11 للملفات الاقتصادية، كما كشف حزب الشعب الجمهوري -أكبر أحزاب المعارضة- في الثالث من ديسمبر/كانون الأول الماضي عن برنامجه الاقتصادي الذي سيخوض به الانتخابات في إطار رؤيته التي سماها "المئوية الثانية".
ولاحقا، أعلنت المظلة الأوسع للمعارضة التركية، ممثلة في تحالف الأمة أو ما يعرف بالطاولة السداسية برنامجها للحكم، في إطار ما أطلق عليه "نص اتفاق السياسات المشتركة"، والذي تضمن قسما خاصا للقضايا الاقتصادية.
وتضم الطاولة السداسية بالإضافة إلى حزب الشعب الجمهوري أحزاب الجيد، والديمقراطي، والسعادة والمستقبل والديمقراطية والتقدم، وهو ما يعني أن الوعود والخطط الاقتصادية التي تضمنها اتفاق السياسات المشتركة تمثل هذه الأحزاب الستة.
وفي حين يُعد برنامج العدالة والتنمية الاقتصادي الأوسع من حيث شموله مختلف المجالات الاقتصادية، فقد تفاوتت برامج الأحزاب الأخرى، إذ تناولت بعضها قضايا دون أخرى، في حين اكتفت بعض الأحزاب بطرح وعود بتقديم حزم من الدعم الاجتماعي لفئات محددة.
تعاني تركيا في العامين الأخيرين من تسارع وتيرة التضخم، بعدما بلغ ذروته عند 86% في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، ووعد برنامج حزب العدالة والتنمية الانتخابي بالعمل على خفض التضخم وإعادته إلى خانة الآحاد، وبالمثل، وعدت المعارضة في اتفاق السياسات المشترك بالعمل على خفض التضخم إلى خانة واحدة بشكل ثابت خلال عامين، من خلال "التطبيع في السياسة النقدية، وتثبيت أسعار الفائدة".
وعد زعيم حزب الشعب الجمهوري والمرشح الرئاسي المشترك للمعارضة كمال كليجدار أوغلو، في رؤية المئوية الثانية لحزبه بجلب 100 مليار دولار من الاستثمارات المباشرة إذا فاز حزبه في الانتخابات، بالإضافة إلى استثمارات إضافية بقيمة 75 مليار دولار من صناديق التقاعد وصناديق الثروة في الخارج.
لكن كليجدار أوغلو رفع هذا الرقم في تصريحات أخيرة له حيث أكد أنهم سيقومون بجلب 300 مليار دولار كاستثمارات أجنبية خلال 5 أعوام.
قال حزب العدالة والتنمية في بيانه الانتخابي إن حكومته سترفع نصيب الفرد من الدخل القومي في الفترة المقبلة إلى 16 ألف دولار سنويا ثم إلى مستويات أعلى، في حين وعدت المعارضة في اتفاق السياسات المشتركة بمضاعفته 200% في غضون 5 سنوات، علما أن معهد الإحصاء التركي أعلن أن نصيب الفرد من الناتج المحلي بلغ خلال 2022 نحو 10 آلاف و600 دولار.
بلغ معدل نمو الاقتصاد التركي 5.6% في عام 2022 وفق معهد الإحصاء التركي، وبلغ حجم الاقتصاد 905.5 مليارات دولار. ويقول البيان الانتخابي لحزب العدالة والتنمية إن حكومته ستدعم النمو الاقتصادي بنسبة 5.5% العام المقبل ليصل إجمالي الناتج المحلي إلى 1.5 تريليون دولار في نهاية عام 2028 في حين لم تسجل وعود متعلقة بنسبة نمو الاقتصاد التركي من قبل الأحزاب الأخرى.
تعاني الليرة التركية من أزمة هبوط منذ بداية العام، حيث فقدت 30% من قيمتها. ووعد حزب العدالة والتنمية بدعم العملة المحلية من خلال استمرار برنامج الودائع بالليرة التركية المحمية الذي أقرته الحكومة بداية العام الماضي، وإعادة هيكلة الديون، والمحافظة على أسعار الفائدة بدون زيادة.
في حين، وعدت المعارضة في اتفاق السياسات المشتركة بالعمل على إعادة الاعتبار لليرة التركية، من خلال جلب الاستثمارات الأجنبية ووقف منح الجنسية للأجانب مقابل شراء عقار، ووقف برنامج الودائع المحمية.
حدد حزب العدالة والتنمية في رؤية مئوية تركيا التي أعلنها العام الماضي هدفا قصير الأمد يتمثل في بلوغ حجم التجارة الخارجية لتركيا تريليون دولار. من جهته، تعهد حزب الظفر القومي المعادي للاجئين بوقف عملية العضوية الكاملة مع الاتحاد الأوروبي وبدء علاقة جديدة بدلا منها قائمة على توسيع العلاقات التجارية وتأسيس منطقة التجارة الحرة.
وعد حزب العدالة والتنمية في بيانه الانتخابي بإنشاء قطار فائق السرعة بين أنقرة وإسطنبول، واستكمال قناة إسطنبول، في حين وعدت المعارضة في اتفاق السياسات المشتركة بإلغاء مشروع القناة وفحص الأعمال التي أجريت في هذا الصدد حتى الآن، من النواحي الاقتصادية والقانونية والتقنية.
في المقابل، تحدث البيان الانتخابي لحزب الظفر عن مشروعين رئيسيين وهما مشروع يسمى "4 مناطق 4 بحار" الذي يهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة المخطط لها، والمشروع الآخر هو "مشروع 3.0" الذي يهدف وفق الحزب إلى الاستعداد للزلزال المرتقب في إسطنبول، وتحويلها إلى مدينة عالية التقنية. كما وعد حزب الظفر بفتح ممرات صناعية وتجارية جديدة إلى الأناضول لتحقيق تنمية متوازنة بين أنحاء البلاد.
تسعى حكومة حزب العدالة والتنمية، وفق البيان الانتخابي للحزب، إلى توفير 6 ملايين وظيفة جديدة في 5 سنوات، وخفض معدل البطالة إلى حدود 7%، في حين وعد حزب الشعب الجمهوري على لسان رئيسه كليجدار أوغلو بتأسيس 9 مناطق اقتصادية خاصة تعود بالفائدة على 81 ولاية، بالإضافة إلى 50 قاعدة إنتاج و17 مركزا معنيا بالزراعة وتربية الحيوانات، مؤكدا أنه نتيجة لذلك سينخفض معدل البطالة إلى ما دون 5%.
ركزت الأحزاب السياسية المتنافسة في برامجها الانتخابية على الإنفاق الاجتماعي وتحديدا فئة الشباب.
وأعلنت حكومة العدالة والتنمية أنه سيتم منح قرض بقيمة 150 ألف ليرة تركية (ما يعادل 7250 دولارا) للشباب المقبلين على الزواج بدون فوائد، وإعفاء الطلاب الجامعيين من ضريبة الهاتف والحاسوب لمرة واحدة ومنحهم مساحة 10 غيغابايت من الإنترنت مجانا كل شهر، وكذلك إنشاء "بنك الأسرة والشباب" من عائدات الغاز الطبيعي والنفط اللذين تنتجهما البلاد.
وتتشابه هذه الوعود مع وعود تضمنها اتفاق السياسات المشتركة، لا سيما تلك التي استهدفت الطلاب، وشملت أيضا إلغاء رسوم الخروج من البلاد، وخفض رسوم استخراج جواز السفر، كما وعد كمال كليجدار أوغلو بتقديم مكافأة 15 ألف ليرة (750 دولارا) للمتقاعدين في عيد الأضحى القادم في حال فوزه بالانتخابات.
كما شمل البيان الانتخابي لحزب "الوطن" الوعد بتوحيد الإيجارات لمدة 3 سنوات بدون السماح بزيادتها في كل أنحاء البلاد، في حين تعهد مرشح تحالف "الأجداد" للانتخابات الرئاسية سنان أوغان برفع الحد الأدنى للأجور فوق حد الفقر 30 ألف ليرة (1400 دولار تقريبا)، في حال فوزه.