تعيد الاتفاقية الأخيرة الموقعة بين السلطة الفلسطينية ومصر، لتطوير حقل الغاز في قطاع غزة، تفاصيل سابقة
تتعلق بهذا المسار، الذي واجه عراقيل عدة أبرزها من الاحتلال الإسرائيلي.
وجرى توقيع مذكرة تفاهم بين الأطراف الشريكة في حقل غاز غزة، والمتمثلة حاليا بصندوق الاستثمار وشركة اتحاد المقاولين CCC مع الشركة المصرية القابضة للغازات
الطبيعية "ايجاس"، للتعاون بمساعي تطوير حقل غاز غزة والبنية التحتية اللازمة، بما يوفر احتياجات فلسطين من
الغاز الطبيعي ويعزز التعاون بين البلدين، وإمكانية تصدير جزء من الغاز لجمهورية مصر.
وتسلط "عربي21" الضوء على كافة التفاصيل المتعلقة بحقل الغاز في غزة، والتي يحاول الاحتلال وضع العراقيل
أمام الفلسطينيين لمنعهم من الاستفادة من هذا المورد الطبيعي.
على بعد لا يزيد عن 23 ميلا بحريا، لا زال حقل غاز فلسطيني كبير حبيس الأرض ممنوعا من رؤية النور، بقرار
من الاحتلال الإسرائيلي، رغم وجود اتفاقية تعطي الفلسطينيين حق الانتفاع منه.
وجرى اكتشاف الحقل الذي سمي (غزة مارين) قبل نحو 20 عاما
ويحتوي على كميات كبيرة من الغاز الطبيعي تكفي لسد احتياجات الضفة الغربية والقطاع لأكثر من 25 عاما، إضافة لإمكانية تصدير كميات منه، بحسب خبراء.
وينظر إلى حقل الغاز منذ فترة طويلة على أنه فرصة ذهبية أمام السلطة الفلسطينية التي تعاني شحا في السيولة المالية للانضمام إلى المستفيدين من طفرة الغاز في البحر
المتوسط، وهو ما يوفر لها مصدرا رئيسيا للدخل لتقليص اعتمادها على المساعدات الأجنبية.
موقع الحقل
ويقع الحقل الفلسطيني على بعد 36 كيلومتراً غرب قطاع غزة، في مياه البحر المتوسط، وتم اكتشافه نهاية تسعينات
القرن الماضي، فيما تم بناء الحقل عام 2000 من قبل شركة الغاز البريطانية (بريتيش غاز)، حيث قام الرئيس الراحل في نفس العام بافتتاح الحقل.
ويقع الحقل على مساحة تفوق 1000 كيلومتر، ما يعني أنه يحوي احتياطا كبيرا من الغاز.
وليس ببعيد عن (غزة مارين)، يقع حقل آخر أصغر حجما قدرت كميات الغاز فيه بحوالي 3 مليارات متر مكعب.
لكن سياسة وضع اليد الإسرائيلية تجلت في استنزاف الحقل الحدودي الذي يقع في نطاق بحر غزة وسمي
"مارين2" حيث استغل واستنفد تماما في عام 2012 من قبل الاحتلال.
كميات الغاز في "غزة مارين"
تبلغ كمية الغاز الطبيعي الموجودة في حقل "غزة مارين" حوالي 33 مليار متر مكعب.
ومن شأن هذه الكمية أن تسد احتياجات الفلسطينيين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة لمدة 25 عاماً وفي حال تم تشغيل الحقل
فإن صافي أرباح السلطة الفلسطينية، من إنتاج الغاز وتصديره محلياً ودولياً سيبلغ نحو 150 مليون دولار سنوياً بحسب تقدير رسمي.
ويبدو أن سواحل غزة غنية بالغاز الطبيعي حيث أعلن عام 2014 عن اكتشاف حقل جديد لا يبعد سوى بضع مئات من الأمتار من سواحل غزة،
وجرى اكتشاف الحقل بواسطة مجموعة من الصيادين الذين لاحظوا خروج فقاعات في منقطة لا تبعد عن ساحل
المحافظة الوسطى سوى 300 متر، وبعد فحص عينات من الفقاعات من قبل خبراء في غزة تبين أنها غاز طبيعي.
نصيب الفلسطينيين
منحت السلطة الوطنية الفلسطينية الحق الحصري لصندوق الاستثمار الفلسطيني ومجموعة من الشركاء في التنقيب عن الغاز قرابة شواطئ غزة
وتضم المجموعة شركتي (BG- British Gas Group) واتحاد المقاولين (CCC)، وبموجب الاتفاق مع السلطة يملك
صندوق الاستثمار الفلسطيني 10% (رفعت مؤخرا إلى 17.5%) من المشروع وتملك شركة (BG) ما نسبته 60%، في حين تملك شركة (CCC) ما نسبته 30%.
التضييق الإسرائيلي
- تقيد إسرائيل خطط الإنتاج في الحقل حيث عرقلت مد الأنابيب الخاصة بنقل الغاز، وكذلك بناء البنية التحتية لإيصال الغاز للمحطة؛ حيث تشترط نقله من خلال أنابيبها.
وفي خطة للسيطرة على الحقل، اشترطت إسرائيل أن ينقل الغاز من الحقل إلى محطة تسييل الغاز في عسقلان، ليوزع
من هناك إلى غزة والضفة، أو أي مكان آخر، إلا أن الشركة رفضت الخضوع للشروط الإسرائيلية.
وتعيق إسرائيل الآن أي تطوير أو أي محاولة لاستخراج الغاز من الحقل، كونها تحدد مساحة الإبحار للفلسطينيين بـ6
أميال بحرية فقط، فيما يقع الحقل على مسافة 23 ميلا تقريبا.
وتأتي هذا الخطوة الإسرائيلية رغم أن قانون البحار المعتمد دوليا يعطي الحق للدول بالاستثمار في مياهها الإقليمية التي حددت بـ 200 ميل بحري.
وبناء على ما سبق، فإن مجموعة "رويال داتش شل" الإنجليزية البريطانية تواجه أصعب عملية بيع في تاريخها
لحقل "غزة مارين"، حيث تجاهد الشركة لإيجاد مشترٍ لحقلها البحري للغاز قبالة ساحل قطاع غزة، حتى بين
شركات الطاقة التي لها باع في التعامل مع المشروعات
المحفوفة بمخاطر سياسية وأمنية، لكنها تمكنت من بيع أصول لها في الحقل بلغت قيمتها نحو 25 مليار دولار وذلك بهدف خفض ديونها.
وأصبحت "شل" المساهم الرئيسي المشغل للحقل حينما استحوذت على حصة مجموعة "BG" البريطانية في الحقل عام 2016 مقابل 54 مليار دولار.
أسرار خفية
الخبير الاقتصادي ماهر الطباع رأى أن "غاز غزة" يعتبر الصندوق الأسود الذي يحتوي على الكثير من الأسرار الخفية التي حجبت وظلت إلى الآن حبيسة الأدراج.
وأشار الطباع في حديث سابق لـ"
عربي21" إلى أن الاستثمار المتعطل في حقول غاز غزة كان من المفترض أن يحقق نهضة حقيقية في كافة مناحي الحياة في قطاع غزة،
من خلال تحقيق عوائد مالية ضخمة ستساهم في حل الأزمات المالية التي تتعرض لها السلطة الوطنية الفلسطينية
والتخلص من الابتزاز المالي الإسرائيلي المستمر والتحرر من الهيمنة الإسرائيلية على مصادر الطاقة في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأضاف أن استثمار الحقل سيساهم في حل مشكلة الكهرباء التي يعاني منها قطاع غزة، وذلك من خلال تشغيل محطة
توليد الكهرباء على الغاز الفلسطيني مما سيؤدي إلى
انخفاض ثمن الكهرباء، الأمر الذي ينعكس إيجابيا على كافة المواطنين وعلى كافة القطاعات الاقتصادية والإنتاجية.
وتسعى إسرائيل وبكافة الطرق للسيطرة على كافة الموارد الفلسطينية بما فيها غاز غزة من أجل فرض سيطرتها
وهيمنتها على القرارات الفلسطينية وعدم وصول
الفلسطينيين إلى مشاريع تنموية تحررهم من التبعية الاقتصادية والمالية لإسرائيل، الأمر الذي جعلهم يستوردون
ما نسبته 95% من الطاقة (كهرباء ووقود وغاز منزلي) من إسرائيل، بمتوسط فاتورة سنوية تتجاوز 1.4 مليار دولار.
تابعنا على تويتر على الفيسبوك تابعنا على الواتسابتابعنا على التليجرام