تستعد تونس نهاية الشهر الجاري للدخول في سلسلة من المفاوضات المباشرة مع خبراء صندوق النقد الدولي بهدف ابرام اتفاق يسمح لها بالحصول على تمويل جديد لتغطية عجزها المالي.
تحقيق التوازن
وتحتاج تونس إلى ما يزيد عن 18.5 مليار دينار لتحقيق التوازن بين نفقاتها ومواردها، بعد أن بلغ عجز الموازنة 7.3% من الناتج المحلي.
كما يؤكد خبراء الاقتصاد أن هذه المفاوضات لن تكون يسيرة في ظل الشروط الصعبة التي فرضها صندوق النقد الدولي للإفراج عن التمويلات الجديدة.
ومن الشروط خاصة المتعلقة منها بالتخفيض من كتلة الأجور التي بلغت 17.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وتقليص دعم الطاقة،
الى جانب تعديل منظومة الدعم بتوجيهه نحو مستحقيه، والإنفاق أكثر على قطاعات الصحة والحماية الاجتماعية والاستثمار.
كما تعوّل الحكومة التونسية برئاسة هشام المشيشي على نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي وقعته
مؤخرا مع نقابة العمال والمنظمات الوطنية الأخرى في
كسب ثقة صندوق النقد الدولي وفتح المجال أمام اطلاق القروض الجديدة
تمويل بـ 3 مليار دولار على الأقل
وفي السياق، أكد الاستشاري في الاستثمار محمد الصادق جبنون أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي انطلقت فعلا عبر الوسائط الرقمية
كما أشار إلى أنهم في انتظار أن يذهب الوفد التونسي نهاية هذا الشهر إلى واشنطن لبدأ مفاوضات مباشرة مع الصندوق.
وقال جبنون إن الوفد التونسي سيقدم خطة الإصلاح الهيكلي التي تطرحها الحكومة مقابل الحصول على دعم مالي من صندوق النقد الدولي.
كما اضاف :" يتمثل ذلك في خط تمويل سيمكّن تونس من الخروج من الدوامة الاقتصادية التي علقت فيها جراء أزمة
الكوفيد 19 وجراء السياسات الهيكلية الخاطئة التي ورثتها من الحكومات السابقة انطلاقا من سنة 2009 إلى اليوم، وفقا لقوله.
وبيّن جبنون أن تونس لن تطلب من صندوق النقد الدولي أقل من 3 مليار دولار، علما بأن حاجة البلاد من التمويل الخارجي تقارب الـ 5 مليار دولار.
وأضاف أن صندوق النقد الدولي اشترط على تونس تقديم خطة متكاملة للإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي
كما بين أن الخطة ترتكز أساسا على تحرير الاقتصاد من المكبلات البيروقراطية وترشيد النفقات العمومية وتوجيه الدعم نحو مستحقيه.
وأشار إلى أن 15% من الطبقات المفقرة والمتوسطة فقط تتمتع بالدعم بينما تذهب البقية إلى الطبقات الغنية.
كما اعتبر جبنون أن هذه الخطة بصدد التشكل وبلورتها الحكومة بمعية المنظمات الوطنية والأحزاب في إطار لقاءات بيت الحكومة.
وتوقع أن تحظى بقبول صندوق النقد الدولي، خاصة وأنه أعلن سابقا أنه وضع على ذمة الدول المتعثرة جراء أزمة كورونا 650 مليار دولار.
وقال "لا أعتقد أن تونس ستجد صعوبة في التفاوض مع الصندوق، بل أرجح حصولها على خط".
وكان رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي أعلن أن المفاوضات الجديدة مع صندوق النقد الدولي ستنطلق منتصف شهر أبريل .
والمفاوضات ستكون على قاعدة برنامج إصلاح واسع يستند أساسا على اصلاح المؤسسات العمومية وتعديل منظومة الدعم ورفع المكبلات عن الاستثمار وتعديل منوال التنمية.
يأتي هذا في وقت حذر فيه مراقبون ومختصون اقتصاديون من مغبة وضع رقبة البلاد في قبضة المانحين
الدوليين وإغراق تونس في بحر القروض الخارجية.