يعتبر سعر الفائدة واحدًا من أهم المؤثرات الاقتصادية في العصر الحديث، فأي تغيير في معدل الفوائد السنوي على الودائع أو القروض قد يؤدي لإحداث تغيرات كبير في اقتصاد البلد بشكل كامل، كما تعتبر عملية ضبط أسعار الفائدة من أهم العمليات اليومية التي تشرف عليها البنوك المركزية في كافة دول العالم، إذ تنظر هذه البنوك إلى سعر الفائدة كسلاح فعال سريع تستطيع من خلاله التحكم في الكثير من المتغيرات في السوق الاقتصادية.
سعر الفائدة هو المبلغ المترتب عن عملية اقتراض الأموال من بنك أو مؤسسة تجارية ما، ويُعبّر عنه بمعدل أو نسبة مئوية عادةً، كما قد يعبر مصطلح الفائدة عن النسبة المئوية التي يمتلكها مستثمر ما في رأس مال شركة معينة. يتأثر سعر الفائدة بالعديد من العوامل المتغيرة كمعدل التضخم ومدة فترة الإقراض، ودرجة السيولة ومخاطر التخلف عن سداد الدفعات المستحقة.
لم تلقَ فكرة فرض سعر فائدة على المبالغ التي يتم اقتراضها رواجًا لدى العديد من الحضارات في العصور القديمة، فالانطلاقة الحقيقية لمصطلح سعر الفائدة تعود لعصور النهضة في أوروبا، فما قبل عصر النهضة كانت القروض تعطى للأشخاص ذوي الحاجة الماسة للمال بهدف تحسين ظروف عيشهم فكان من غير المستحب إثقال كاهلهم بالمزيد من المشاكل المالية الناتجة عن دفع مبالغ زائدة تضاف إلى مبلغ القرض الأصلي، أما في فترة عصور النهضة فأصبح الناس يستخدمون القروض في توسعة تجارتهم بهدف خلق أرباح أكثر، ما تسبب في زيادة كبيرة في عمليات الإقراض، وأصبحت نتيجةً لذلك فكرة الفائدة أكثر قبولًا بين عامة الناس.
للفائدة أنواع عديدة، تختلف باختلاف الجهة التي تقوم بإصدار الفائدة وتتأثر بنوع الفائدة هل هي دائنة أم مدينة بالنسبة للجهة التي ستُقر الفائدة، كما تختلف طريقة حساب كل منها عن الأُخرى، وهذه الأنواع هي:ا
لفائدة الثابتة: أكثر أنواع الفائدة استخدامًا في الأمور التجارية لسهولة حسابها، يكون معدل الفائدة في هذا النوع نسبة ثابتة يجب دفعها بالإضافة إلى مبلغ القرض الأصلي، أو مبلغ يضاف إلى قيمة المبلغ الذي قد تم إيداعه.
الفائدة المتغيرة: تتغير أسعار الفائدة في هذا النوع بشكل مستمر وذلك تبعًا لحركة الفائدة الأولية، إذ تستخدم البنوك هذه الفائدة في حالات الركود الاقتصادي لحماية منافعها.
معدل الفائدة السنوية Annual Percentage Rate (APR): يعبر مصطلح معدل الفائدة السنوي عن مجموع الفائدة التي تدفع سنويًا على كامل المبلغ الذي تم اقتراضه، والمعدل يساوي معدل الفائدة الأساسي مضافًا إليه النسبة التي يفرضها البنك على المُقترض.
معدل الفائدة الأساسي: معدل الفائدة الذي تقوم البنوك بفرضه على المُقترض ين بهدف ترغيبهم في تنفيذ عملية الإقراض ويكون عادةً المعدل أقل من معدل الفائدة الاسئد في السوق.
معدل الخصم: وهو معدل تستخدمه البنوك في تسوية حالات نقص السيولة التي قد تعرضها أو في تغطية حالات نقص التمويل اليومي لأنشطة البنك.
معدل الفائدة البسيطة: يستخدم هذا المعدل في حساب مبلغ الفائدة الذي سيحتشب على القرض، ويحسب من خلال جداء مبلغ القرض في معدل الفائدة مضروبًا بعدد سنوات الإقراض.
معدل الفائدة المركبة: في هذه الحالة يتم احتساب مبلغ الفائدة بشكل سنوي، وتُحتسب الفائدة في كل مرة على مبلغ الإقراض الأساسي بالإضافة إلى فوائد السنوات السابقة المتراكمة.
قوى العرض والطلب: يتأثر سعر الفائدة بشكل مباشر بنسب العرض والطلب على النقد ضمن اقتصاد البلد، فالزيادة في الطلب على الائتمان ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وبالتالي ارتفاع تكاليف عملية الاقتراض، والعكس صحيح فعند؛ انخفاض الطلب على الإئتمان ستنخفض مع مرور الوقت معدلات الفائدة وبالتالي ستقل تكلفة عملية الإقتراض.
معدل التضخم: ترتفع معدلات الفائدة بشكل طردي مع ارتفاع معدلات التضخم، ويعود السبب في ذلك إلى أن الجهات التي تقوم باقراض الأموال تستخدم الأموال الناتجة عن الفائدة في الحد من خسائره النجمة عن فقدان العملة لقيمتها بسبب معدلات التضخم المرتفعة.
السياسات الحكومية: تؤثر تحركات الحكومة في السوق على معدلات الفائدة، ففي حال شراء الحكومة لسندات، ستزداد كمية الأموال التي تتواجد بين يدي البنوك، فتقوم البنوك بتخفيض معدلات الفائدة بهدف تشجيع العامة على الإقتراض منها، بحيث لا تبقى الأموال مجمدةً دون الاستفادة منها، أما عندما تقوم الحكومة ببيع هذه السندات، فذلك يؤدي إلى تقليل قدرة البنك على الإقراض، ما يتسبب في ارتفاع أسعار الفائدة.
تأثير معدلات الفائدة المرتفعة والمنخفضة على النقد
تجعل معدلات الفائدة المرتفعة كلفة الإقتراض أعلى، فيصبح من الصعب على الناس اقتراض الأموال من المصارف والبنوك، ما يؤدي إلى شح في الأموال المتوفرة بين أيديهم لشراء حاجياتهم، ما يخفف من مستوى الطلب في السوق، وبنفس الوقت تشجع معدلات الفائدة المرتفعة الناس على الإدخار، كون معدل الفائدة على الإدخار يكون أكثر ربحيةً في هذه الحالة، كما أن معدلات الفائدة المرتفعة تتسبب في تقليل نسب السيولة، ما يؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد ويبطئ من نموه.
أما معدلات الفائدة المنخفضة فلها تأثير معاكس تمامًا، فمعدلات الفائدة المنخفضة على القروض السكنية تؤدي إلى تحفيز الطلب على البيوت، كما تتسبب في خفض معدلات الإدخار، إذ يقوم الناس بتقليل المبالغ التي يقومون بإيداعها في حساباتهم البنكية ويتجهون لصرف أموال أكثر على استثمارات أكثر خطورة ولكن بعائد ربحي أكبر.