العمل أحد عوامل الإنتاج الأربعة، والتي هي الموارد، ورأس المال، وريادة الأعمال، ويأتي العمل العامل الرابع، ويُعرّف بأنه مقدار الجهد البدني والعقلي والاجتماعي المستخدم لإنتاج السلع والخدمات في الاقتصاد، وبالمقابل ينال العمال أجرًا مقابل جهدهم. في العمل، هناك مصطلحٌ يُطلق عليه سوق العمل .. لنتعرف على معناه وما أهميته في هذا المقال.
تعريف سوق العمل
يمثل سوق العمل العرض والطلب على اليد العاملة في الاقتصاد، حيث يتفاعل العمال والموظفون مع بعضهم البعض ويتنافسون للحصول على العمل المرضي، ويمثلون جانب العرض في السوق، كما يتنافس أصحاب العمل على توظيف العامل الأفضل، ويمثلون جانب الطلب.1 إذن، يجمع سوق العمل ما بين الباحثين عن عمل (العرض)، والشركات والحكومات والمنظمات الأخرى التي تسعى لتأمين حاجتها وملء ما لديها من وظائف شاغرة (الطلب).
يستخدم الاقتصاديون مصطلح سوق العمل اختصارًا لأسواق العمل المختلفة، إذ لا يوجد سوقٌ واحدٌ للعمل بل أسواق لكلٍّ منها خصائصه، وتختلف العمالة حسب نوع العمل، باعة أو أساتذة أو غيرها، ومستوى المهارة، فهناك المبتدئ وذو الخبرة، والمتخصص وغيرها.
التمثيل البياني لسوق العمل
في التمثيل البياني أدناه، يُظهر المحور الأفقي عدد العمال، ويمكن استخدامه لتحديد عدد ساعات العمل، ويُظهر المحور العمودي أجر العامل السنوي، وقد يقاس أحيانًا بالأجر الشهري أو الأسبوعي أو اليومي أو أجر الساعة.
يتقاطع منحى العرض (S) ومنحى الطلب (D) عند نقطة التوازن (E)، حيث تتساوى الكمية المعروضة والكمية المطلوبة، وبالتالي يمكن لكل صاحب عملٍ يرغب في توظيف عاملٍ ما بأجرٍ متوازنٍ مع كمية العمل، أن يجد عاملًا راغبًا بالعمل، ويمكن لكل عاملٍ يرغب بالعمل براتبٍ يجده متوازنًا مع كمية عمله، أن يجد عملًا. مثلًا، من التمثيل التالي، نجد نوعين من العرض والطلب:
- إلى اليسار، تمثيل لمجموعةٍ من ذوي الكفاءة كالجراحين، سيحصلون على معدل أجور مرتفع، لأن العرض على مهاراتهم محدودٌ، في حين أن الطلب على خدماتهم مرتفعٌ.
- التقاطع اليميني، تمثيل لمجموعة عملٍ أخرى كعمال النظافة، لا تحتاج هذه المجموعة لتدريبٍ ومهاراتٍ أو قد تحتاج القليل منها، لذا، تكون معدلات أجورهم منخفضةً نسبيًّا لأن العرض يفوق الطلب على خدماتهم.
سوق العمل على مستوى الاقتصادين الكلي والجزئي
- على مستوى الاقتصاد الكلي لسوق العمل، يتم دراسة مقياسين:
- البطالة: في الأزمات الاقتصادية، يتراجع الطلب على العمالة، وترتفع معدلاتها، مما يؤدي إلى تفاقم الركود الاقتصادي، واندلاع الاضطرابات الاجتماعية، وتخسر فئةٌ كبيرةٌ من الناس إمكانية الحصول على حياةٍ مُرضيةٍ.
- معدلات إنتاجية العمل: تعد إنتاجية العمل مقياسًا آخر مهمًا في سوق العمل، حيث تقيس المخرجات لكل ساعة عملٍ، وقد ساهم التقدم التكنولوجي والتحسن في الكفاءة، في رفع إنتاجية العديد من الاقتصادات خلال السنوات الأخيرة، وعندما تنمو الإنتاجية بشكلٍ يفوق نمو الأجور، فهذا يعني أن المعروض من العمالة قد تجاوز الطلب عليها، حيث يتنافس العمال على عددٍ قليلٍ من الوظائف، ويحظى أرباب العمل بإمكانية اختيار القوة العاملة، مما يضغط باتجاه تخفيض الأجور، والعكس صحيح.
- على مستوى الاقتصاد الجزئي: تحليل العرض والطلب على العمالة على مستوى الشركة والعامل، من حيث الأجور الفردية، وعدد ساعات العمل.
العوامل المؤثرة على العرض من العمالة
- عدد السكان وسن التقاعد والتنقل الجغرافي، والمهارات والتدريب والخبرات المتاحة والتي تمثل رأس المال البشري.
- المؤهلات اللازمة للدخول إلى المهن، والوظائف والتي قد تمثل معوقات لقوة العمل.
- الانتقال المهني الذي يعتمد على التدريب والتأهيل.
- عدد ساعات العمل، والتي قد تتأثر باستعداد العمال للعمل لساعاتٍ إضافيةٍ.
- دور النقابات، إذ يمكن للنقابات العمالية تقييد المعروض من العمالة، بغرض رفع معدلات الأجور.
العوامل المؤثرة على الطلب على العمالة
- حجم وقوة الطلب على السلع والخدمات التي ينتجها العمال، فعندما يزداد الطلب على السلع المنتجة، يزداد كل من سعر الإنتاج والربحية، ويسعى المنتجون لاستخدام المزيد من العمالة لزيادة الإنتاج.
- نسبة إجمالي تكاليف الإنتاج التي تمثلها الأجور في سوق العمل.
- معدل استبدال رأس المال للعمالة في عملية الإنتاج.
مؤشرات عالمية عن العمالة في العالم
يشير تقرير منظمة العمل الدولية والذي جاء تحت عنوان “العمالة العالمية والآفاق الاجتماعية في العالم لعام 2020” إلى:
- توقع تزايد البطالة بنحو 2.5 مليون.
- عدم التطابق بين العرض والطلب في سوق العمل قد يتخطى مشكلة البطالة، حيث الاستخدام الضئيل للأيدي العاملة، إذ سيصل عدد العاطلين عن العمل عالميًّا إلى 188 مليون، وهناك 165 مليون شخص سيعملون بأجرٍ غير كافٍ، في حين يتخلى أكثر من 120 مليونًا عن البحث عن عملٍ، أو لن يقدروا على الوصول إلى سوق العمل.
- سيكون مؤشر عدم المساواة في الدخل على المستوى العالمي أعلى مما كان يُعتقد، خاصةً في الدول النامية.
- يعاني واحدٌ من كل خمسةٍ من العاملين في العالم، ويُقدر عددهم 630 مليون عامل، مما يسمى فقر العمل، أي كسب أقل من 3.20 دولارًا أمريكيًّا في اليوم.
يعمل الاقتصاد بكفاءة أكبر عندما:
- يعمل الأفراد في أعمال ووظائف يقدمون فيها أفضل مهاراتهم.
- عندما يحصلون على قيمةٍ ماديةٍ تقابل عملهم المنتَج.
إن زيادة معدلات المشاركة في القوى العاملة وحصول العمال على وظائفَ ذات نوعيةٍ جيدةٍ، من التحديات التي تواجه الحكومات والدول، وتشير تقديرات البنك الدولي إلى الحاجة إلى خلق ملايين الوظائف خلال السنوات القادمة، لاستيعاب الوافدين الجدد من الشباب إلى سوق العمل.