إذا كنت تتابع الأخبار، فأنت بلا شك تعرف بعض الأمور عن بيتكوين الآن، لكن يظل السؤال قائماً حول أسباب إيمان بعض خبراء التمويل بالعملة المشفرة ورفض البعض الآخر لها؟
مع تتابع أخبار بيتكوين وتقلب أسعارها الكبير، فضلاً عن كونها فئة جديدة من الأصول حتى وإن لم يعتبرها البعض عملة بالمعنى المألوف، تبرز بعض الأمور التي يجب أن تعرفها، أولها أن بيتكوين عملة مشفرة، وثانيها أن قيمة الواحدة منها أكثر من 50 ألف دولار، على الرغم من أن السعر يتقلب بشكل كبير يوماً بعد يوم.
الأمر الثالث، هو أن العديد من الشركات الكبيرة عالمياً استثمرت في بيتكوين، من بينها شركة تسلا لتصنيع السيارات الكهربائية. لكن، إذا كنت مثل العديد من الأشخاص تجهل أموراً أخرى، بما في ذلك ماهية العملة المشفرة بالضبط، وكيف تعمل وما إذا كانت طريقة آمنة لاستثمار أموالك، إليك المعلومات التالية:
تم اختراع بيتكوين في عام 2009 كشكل من أشكال العملة الرقمية. فعلى عكس النقود الورقية أو بطاقات الخصم، التي تمثل النقود الورقية التي يحتفظ بها المشتري في أحد البنوك، فإن بيتكوين ليس لها شكل مادي. ويتم تخزينها رقمياً، مما يوفر مزيداً من الأمان عن الشيكات ومعاملات النقود الورقية وحتى المعاملات الرقمية الأخرى.
واعتباراً من صباح اليوم الثلاثاء، افتتحت بيتكوين عند مستوى يفوق 57 ألف دولاراً، فيما كان سعر العملة المشفرة في عام 2010 نحو 8 سنتات فقط لكل بيتكوين.
لـ"بيتكوين" الريادة في عالم العملات المشفرة، لكن يوجد اليوم أكثر من 6700 عملة مشفرة يتم تداولها في الأسواق العامة، وفقاً لموقع CoinMarketCap.
وعلى الرغم من استخدام بيتكوين والعملات المشفرة الأخرى لتبادل السلع والخدمات في السوق الخاصة، إلا أنها لا تعتبر سوقاً قانونية مثل الدولار الأميركي والعملات الأخرى الورقية.
كما تتضمن بعض العملات المشفرة الأكثر شيوعاً حالياً إيثريوم، وبيتكوين كاش، ولايتكوين، والتي يمكنك شراؤها من خلال "باي بال". ويُطلق على العملات المشفرة الأخرى الأقل شيوعاً العملات البديلة، حيث تعد دوجكوين إحدى أشهر العملات البديلة، التي اشتهرت من خلال تغريدات الملياردير إيلون ماسك، حيث غرد مؤخراً قائلاً: "أشتري بعضاً من دوجكوين من أجل lil X، حتى يكون مؤمناً جديداً بالعملة المشفرة"، ويقصد بذلك ابنه.
وصفها مؤسس موقع تبادل العملات الرقمية bitni.com، روب زيل، كالتالي: "العملة المشفرة هي نقود إلكترونية لا مركزية بالكامل من نظير إلى نظير يتم تنفيذها بواسطة التشفير".
ونظراً لطبيعتها، لا تخضع العملات المشفرة للتنظيم، الأمر الذي يحمل في طياته مخاطر تقلب السوق وخسارة المستثمرين. ومع ذلك، يتم تقليل مخاطر الأمان ومخاطر الاحتيال عند استخدام بيتكوين وغيرها من العملات المشفرة إلى حد كبير.
وأيضاً، نظراً لطبيعة المعاملات الآمنة للغاية، لا يمكن تتبع عمليات الشراء. وهذا يعني أنه يمكن للأفراد استخدام العملات المشفرة لشراء سلع غير مشروعة أو شديدة التنظيم، بما في ذلك فئات معينة من المخدرات أو الأسلحة النارية.
وتستخدم العملات المشفرة تقنية التشفير للحفاظ على المعاملات والعملات آمنة، و علم التشفير، أو علم الترميز، هو ممارسة ودراسة تقنيات الاتصال الآمن في وجود أطراف ثالثة تسمى الخصوم.
وأوضح الدكتور ألكسندر شيبيلوف، الرئيس التنفيذي لـ iModX، وهي سوق قائمة على blockchain، أن أكثر أشكال التشفير شيوعاً هو استخدام الرموز لإرسال الرسائل بشكل آمن بين شخصين، وفقاً لما ذكره موقع "ياهوو فاينانس"
يتم تداول العملات المشفرة عن طريق blockchain، أو ما يعرف بسلاسل الكتل، والتي يصفها شيبيلوف بأنها "وسيلة لأجهزة كمبيوتر متعددة للتوصل إلى توافق في الآراء حول مجموعة من المعلومات". حيث يقول: "الاستخدام الأكثر شيوعاً لتكنولوجيا سلاسل الكتل هو إنشاء دفتر الأستاذ للمعاملات المالية بين العديد من الأفراد".
تعمل البلوكشين عبر التشفير، حيث ترتبط كل كتلة في السلسلة بشكل مشفر بالجزء السابق، حيث يتم تخزين كل كتلة من السلسلة ومشاركته عبر شبكة من عقد نظير إلى نظير، على غرار ملفات "التورنت" الخاصة بمشاركة الملفات. ويتم تأمين الكتل بشكل مشفر ضد العبث. وهذا يجعل من الصعب للغاية على المتسللين تعديلها أو إغلاقها، وفقاً لوصف زيل.
وبفضل تقنية blockchain، قد تكون معاملات بيتكوين وغيرها من المعاملات المشفرة بطبيعتها أكثر أماناً من الأنواع الأخرى من المعاملات الرقمية، مثل الخدمات المصرفية عبر الإنترنت أو تحويل الأموال من خلال المحافظ الرقمية أو خدمات الدفع من نظير إلى نظير. ولكن من المهم التأكيد على أن جميع هذه الخدمات تستخدم أحدث تقنيات التشفير لحماية أموالك رقمياً.
ولا يعني هذا أن أموال البنوك غير آمنة، فمعظم البنوك تقدم الحماية من الاحتيال بحيث إذا تم اختراق حسابك، فسيعيد البنك أموالك المفقودة.
على الجانب الآخر، هناك مشكلة ضخمة بسبب نظام الحماية الهائل للعملات المشفرة، وهو أنه إذا فقدت كلمة المرور الخاصة بك أو نسيتها فلن تتمكن من استعادة عملاتك أبداً بعكس الحسابات البنكية.
على الرغم من أن استثمارك في التشفير من المحتمل أن يكون "مؤمناً"، فإن هذا لا يعني أنه "آمن" بأي حال من الأحوال. هناك عنصران يجعلان العملة المشفرة أكثر خطورة من الاحتفاظ بالنقود في حساب مصرفي، وهما: تقلب السوق والافتقار إلى التأمين الحكومي والتنظيم.
مثلاً في السوق الأميركية، عندما تحتفظ بأموالك في حساب مصرفي، فإنها مؤمنة من مؤسسة التأمين الفيدرالي (FDIC) بمبلغ يصل إلى 250 ألف دولار لكل مودع، لكل فئة حساب، ولكل بنك. وهذا يعني أنه إذا كان لديك حساب جاري خاص بك به 100000 دولار، وحساب توفير به 50000 دولار، وشهادات استثمار بقيمة 100000 دولار، وكل ذلك داخل بنك واحد مؤمن من قبل مؤسسة التأمين الفيدرالية (FDIC)، فإن أموالك كلها محمية من قبل مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية. وإذا توقف البنك الذي تتعامل معه عن العمل، فلن تخسر أموالك.
في المقابل، إذا حدث أمر ما للشركة التي تحتفظ بالعملات المشفرة، فقد تفقد استثمارك بالكامل.
كما تميل العملات المشفرة، مثل الأسهم والاستثمارات الأخرى، إلى التقلب الشديد. عندما تحتفظ بالنقد في أحد البنوك، ستتقلب قيمة أموالك بشكل هامشي بناءً على التضخم أو الانكماش. ولكن من المستبعد جداً أن تخسر - أو تكسب - مبالغ كبيرة من المال بين عشية وضحاها.
يقول زيل: "تميل العملات المشفرة إلى التقلب الشديد.. في يوم واحد، يمكن أن تتحرك العملة المشفرة بنسبة 20% أو أكثر. ويمكن لبعض العملات الرقمية التي تم اختراعها حديثاً أن تقفز 40 ضعفاً في الأشهر القليلة الأولى".
وأضاف أن هناك قلقاً آخر لأولئك الذين يبحثون عن ملاذ آمن لأموالهم. حيث يقول زيل: "في بعض الأحيان، ستكون العملة المبتكرة حديثاً عملية احتيال كاملة وسيأخذ المؤسسون الأموال من المستثمرين ويختفون، مما يتركهم يحملون رمزاً لا قيمة له".
في الوقت الحالي، تعتبر بيتكوين والعملات المشفرة الأخرى أصلاً يتم تداولها مثل الأسهم والعملة المستخدمة في تبادل السلع والخدمات. ومع ذلك، فإن رسوم المعاملات المرتفعة وتقلب العملات الرقمية يمنعان اعتمادها على نطاق واسع كعملة.
يمكنك استخدام بيتكوين وغيرها من العملات المشفرة لإجراء عمليات شراء، ولكنها ليست دائماً مثالية.
يضيف شيبيلوف أن الغالبية العظمى من العملات المشفرة في الوقت الحالي يتم التعامل معها على أنها أصول وليست عملة.
ويضيف: "يتم التكهن بها من قبل المستثمرين الذين يفترضون أن الأصول ستزيد من حيث القيمة على مدى فترة زمنية طويلة".
ومع ذلك، على الرغم من أن الأشخاص قد كسبوا الملايين من خلال استثماراتهم في بيتكوين خلال العام الماضي، فقد لا يكون التشفير هو الخيار الأفضل للمستثمرين المبتدئين أو أولئك الذين يتحملون مخاطر منخفضة.
ويحذر شيبيلوف من أن "العملات المشفرة هي أصول غير خاضعة للتنظيم مع درجة عالية من التقلب، وإشراف حكومي محدود، وتفقد غالبية العملات المشفرة معظم أو كل قيمتها بسرعة كبيرة، مع فشل أكثر من نصفها في الأشهر الأربعة الأولى".