أعلنت مجلة تايم الشهيرة عن شخصياتها المئة المؤَثِّرة وكان على رأس هذه المائة العبقري إيلون ماسك، وتوزَّع الجائزة كل عام حسب قدرة الشخص في التأثير على العالم ككل، ولا يهم فيما إذا كان ذاك التأثير جيدًا أو سيئًا، فعلى سبيل المثال وجِدَ بإحدى القوائم في أحد السنين اسم أسامة بن لادن!
بعد أن نشرت المجلة ذاك الخبر، لاقى موجة كبيرة من الانتقادات، فكيف يمكن لإيلون ماسك أن يكون الأكثر تأثيرًا “حسب بعض النُقاد”، لذلك قمنا بإعداد مقالنا هذا لنوضح لك أيها القارئ وجهات النظر، وسنترك لك حريّة الاختيار، فقم وغرِّد داعمًا أو ناقدًا.
هو الشخص الذي لا نستطيع حصره بلقبٍ واحد، ولكن لنعتبره مجازًا رجل أعمال ومُؤَسِسًا للعديد والعديد من الشركات العالمية أبرزها، باي بال (PayPal) و تسلا (TESLA) وسبيس إكس (SpaceX) ونيورالينك (Neuralink) وذا بورنج كمباني (The Boring Company). ويعد أغنى رجل في العالم بثروة تصل لـ 300 مليار دولار أمريكي وصاحب الأفكار والمشاريع التطويرية التي تفاجئ الكوكب في كل مرة.
يقول “فيكتور هوغو”:
سر العبقرية هو أن تحمل روح الطفولة إلى الشيخوخة، ما يعني عدم فقدان الحماس أبدًا
وهذا هو سر إيلون ماسك، فهو ذاك الطفل الذي برمج ألعابًا للحاسوب وهو في سن المدرسة، والآن وفي عمره هذا ما زال بنفس الشغف ونفس القدر على الابتكار والاكتشاف والتحديث، فتجده ينتقل من مشروع إلى آخر من الأرض للفضاء للسيارات ومن ثم البناء وبعدها الغابات، وفي آخر اليوم يُغرِّد على موقع تويتر ويقلب الدينا رأسًا على عَقِب.
يجب أن يكون السؤال، كيف يمكن ألا يكون ماسك مؤثرًا! فذاك الرجل الذي فاق تأثيره كوكبنا وطار خارجًا. كل عمل يقوم به يهدف حرفيًا إلى تغيير الكوكب ككل، دونًا عن شخصيته ذات التأثير الواسع عمليًا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي حيث إن الناس تترقب تغريداته ورأيه بكل ما هو جديد فمعظم الناس يعتبرونه مثالًا للنجاح، وأي شيء يعجبه سيكون جيدًا حتمًا.
نعود هنا لسؤالنا، كيف يملك هذا الرجل كل هذا التأثير؟ في الحقيقة إذا سألت عدة أشخاص نفس السؤال، ستسمع أجوبة مختلفة. وهنا نأتي نحن لنوضح لك أيها القارئ من أين تأتي شعبية ماسك. حيث إننا وضعنا الإجابة ضمن ثلاثة تصنيفات، وهي:
فكما تحدثنا، يقوم ماسك بعمل جبَّار في عدة مجالات والهدف أمام عينيه هو تغيير العالم. حتى أن بعض العالم ينظرون إليه كمنقذ لهذا الكوكب، فلكم أن تتخيلوا! سنرفق في الأسفل أهم هذه الأعمال ولمحة عن كلٍ منها:
تسلا (TSLA): سيارات تعمل على الكهرباء، نعم أين الجديد؟ الفكرة أن تجعل هذه السيارات التي تعمل على الكهرباء منتشرة بشكل كبير نسبيًا، ورغم أنه فشل مرة ومرتين وثلاثة إلا أنه نجح أخيرًا، والآن تسبق عدة شركات ذات صيت واسع، وتعتبر شركة السيارات الأولى من حيث القيمة التسويقية.
سبيس إكس (SpaceX): أن تعمل في مجال الفضاء ليس بالأمر الجلل، ولكن أن تحدث تغييرًا في هذا المجال، وتنقله لمستوى آخر، هنا الحدث. ولا يعد ماسك المدير لهذه الشركة فقط، وإنما كبير المهندسين فيها فهو متطلع على معظم الأعمال. ويهدف إيلون ماسك إلى الوصول للمريخ والبحث عن الحياة فيها، ضمن خططه المستقبلية.
الإنترنت: كانت بداية دخوله عالم الأموال، عبر تطويره لشركة استضافة المواقع Zip2، وموقع لإرسال الحوالات المالية عبر الإنترنت المشهور وهو باي بال (PayPal)، وحديثًا يسعى ماسك لتزويد الأرض بإنترنت عبر الفضاء -باسم Starlink- والذي سيكون متوفرًا للجميع بسرعة خارقة وأسعار اقتصادية.
الطرق: تخيل أيها القارئ إلى أين وصل إيلون ماسك، ففي أواخر عام 2016 أنشأ شركة بإسم “ذا بورنج” (The Boring Company)، وهي تقوم على حفر الأنفاق والبنية التحتية، بهدف التخلص من الازدحام غير المنطقي، حيث إن ماسك وجد أن الحل ليس السفر بالجو وإنما توفير طرق أخرى.
الفكرة ليست بعدد الشركات والأعمال، وإنما نوعيتها. فهذه الأفكار الإبداعية جذبت له عددًا كبيرًا من الناس وأصبح ذا شهرة واسعة.
إذا كنت تتابع فيلمًا ما، لا بدَّ أنك تتعلق بشخصية البطل ذي الصفات المميزة وتتأثر بكلامه وتقتنع برأيه، كل ذلك لأنك معجب بصفات هذا البطل. وكذلك الأمر، فبطل روايتنا هنا إيلون ماسك والذي يحمل صفات مميزة حملته لقمة العالم، ولربما جعلته الأكثر تأثيرًا في 2021.
لا يعرف الخسارة: بعد أن جمع مالًا وفيرًا من عمله على الإنترنت، قرر وضع معظم ثروته في شركة SpaceX حيث قرر أن يصنع صواريخ بنفسه لإرسالها للفضاء، ولكن المحاولة الأولى باءت بالفشل، والثانية والثالثة وصولًا لمحاولة خامسة وبعد ستة أعوام من نشأة الشركة ينجح أخيرًا ويحلق الصاروخ عاليًا ويحلِّق معه اسم الشركة عاليًا. ونحن لا نتحدث عن محاولات لجهازٍ إلكتروني أو سيارة حديثة وإنما صواريخ للفضاء!! وبعد المحاولات وعشرات الملايين المهدورة يقرر الاستمرار والتمسك بالفكرة.
أسلوبه بالإقناع: ربما هنا يكون لبُ المقال، حيث إن قدرته المميزة في الإقناع السبب الرئيس في جعله شخصية مؤثرة للغاية. فكما تقول “دوللي سينغ” مسؤولة سابقة للموارد البشرية لشركة SpaceX: “الشيء المميز في إيلون هو قدرته على جعل الناس يؤمنون بأفكاره”. وفي إحدى تصريحاته قال:
إن كنت تريد إنشاء شركة، فهي مثل صنع الكعكة. تحتاج لمعرفة المكونات وبالنسب الصحيحية، وستحصل على الشركة.
تشعر وكأن الأمر سهل أليس كذلك؟ وكأنما تريد أن تصنع شركة في الحال.
شغفه بالابتكار: إن حافزه الأكبر في العمل ليس المال، نعم هو أغنى شخص على هذا الكوكب ولكن إذا قرأت قصته ستجد أن المال كان وسيلة ليحقق أفكاره. فشغفه يكمن في الابتكار والتجديد بدلًا من التشبُّث بالأفكار القديمة، والجميل أنه يرى المشاكل التي نعاني منها فرصًا، وهذا ما أوصله إلى هنا. والشخص المبدع كالرسام والفنان والنحات شخص محبوب، وكذلك إيلون.
لا يكل ولا يمل: إذا كنت تعمل في وظيفة ما، ربما سيكون وسطي عدد ساعات عملك في الأسبوع 40 ساعة. وذلك الميلياردير يعمل وسطيًا 100 ساعة في الأسبوع! مع كل هذه الثروة إلا أنه ما زال يعمل وكأنه يؤسس حياته.
للصراحة أنا وجميع من يقرأ كلماتي هنا، يُفضل أن يسمع النصيحة من شخص ثري على أي شخص آخر. فما بالك إذا كان الأغنى في العالم. نعم يا صديقي القارئ، المال يفعل كل شيء، طبعًا.
لا يمكننا أن نتحدث عن إيلون ماسك دون ذكر حسابه الشخصي على تويتر، ولعله السبب الأكبر في اعتباره شخصية مؤثرة، حيث رأينا كيف يستطيع إيلون ماسك رفع أسعار عملات رقمية وخفض أخرى بتغريدة بسيطة منه، ولعل أكبر مثال على هذه القوة الخارقة التي يمتلكها هو عندما ذكر أن شركة تسلا ستتوقف عن قبول الدفع بعملة البيتكوين لمخاوف بيئية؛ نتيجة لاستهلاك الطاقة التي تحتاجه هذه العملات، وكانت النتيجة انخفاض سعر البيتكوين بما يقارب 15%!
وفي ضربة أخرى موجعة للبيتكوين، قام إيلون ماسك بالرد على أحد الأشخاص على تويتر قائلًا إن تسلا قد تقوم ببيع حصتها من العملات المشفرة، أو ربما فعلت ذلك بالفعل، لتكون نتيجة هذه التغريدة انخفاض سعر البيتكوين إلى أدنى قيمة له منذ شهر فبراير من العام الحالي.
كما ذكرنا في بداية المقال، كان هناك العديد من الأصوات المعارضة لقائمة المجلة الأمريكية، فبعض الآراء كانت ترى أنه من الحق أن يحصل شخص من المجال الطبي على هذا اللقب. مثلًا، العلماء والأطباء الذين طوروا اللقاح المضاد لفيروس كورونا (كوفيد-19). نعم التطور والتقدم والتنقل للفضاء أمر جميل، لكن بالتأكيد الصحة أهم بكثير، والتأثير الأكبر لهؤلاء الأطباء الذين كانوا في خطوط المقدمة في مواجهة الوباء. فبعد عامين من مواجهة الفيروس، حصل جو بايدين وكامالا هاريس على اللقب في 2020 وماسك في العام التالي.
ظهرت أيضًا أصوات أخرى، ذكرت بأن ماسك يتهرب من دفع الضرائب، فهو ضد هذه الفكرة. وصرَّح فريق النائبة الأمريكية براميلا جايابال: “لا يمكن أن نصدق أن مجلة تايم اختارات إيلون ماسك “شخصية العام”، حيث إنه الأغنى في العالم، ورغم ذلك يتهرب من دفع الضرائب، بينما هناك عائلة تكافح لتأمين مصاريف الطعام والسكن”.
ونشر موقع ProPublica، الضرائب المدفوعة من قِبل إيلون ماسك، حيث إنه دفع 68 ألف دولار في عام 2015 و65 ألف دولار في عام 2017، إلا أنه لم يدفع في 2018!.
في نهاية القصة، فاز إيلون ماسك باللقب، الذي كان سيفوز به عاجلًا أم آجلًا. ونتمنى أن يأخذنا بمناسبة هذه الجائزة إلى كوكبٍ آخر ونترك الأرض ومشاكلها لأهل هذه المشاكل، فنتركهم يسرحون ويمرحون ويحرقون ويدمرون، ونحن سنشاهد من بعيد.