لا تزال السيارات الكهربائية تحتل جزءا صغيرا من السوق، لكن وفقا لوكالة الطاقة الدولية، فإن ما يقرب من 9% من السيارات الجديدة المبيعة في جميع أنحاء العالم في العام الماضي كانت سيارات كهربائية، وذلك ارتفاعا من 2.5% في عام 2019، ويبدو أن مسيرة السيارات التي تعمل بالبطاريات لا يمكن إيقافها، كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) في تقرير حديث لها.
ففي عام 2021 الماضي ارتفعت مبيعات السيارات التي تعمل بالبطاريات في الولايات المتحدة وأوروبا والصين ارتفاعا كبيرا، وأصبح الطلب على السيارات الكهربائية قويا لدرجة أن الشركات المصنعة أخذت تطلب من المشترين حجز دور لهم مع دفع ثمن هذه السيارات مقدما وقبل أشهر من حصولهم الفعلي عليها، وقد بيعت بالفعل بعض الأنواع من هذه السيارات قبل البدء بإنتاجها على أن تُسلّم للمشترين بعد سنتين، حسب تقرير الصحيفة.
ومن المتوقع أن يزداد حجم سوق السيارات الكهربائية العالمية بأكثر من 4 أضعاف ليبلغ أكثر من تريليون دولار أميركي بحلول عام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 23.06% بين عامي 2021 و2026، وفق ما ذكرت منصة "ستاتيسكا" (statista) أخيرا.
وتقدّر شركة الاستثمار "ويد بوش سيكيورتي" (Wedbush Securities) أن قطاع صناعة السيارات سيستثمر 5 تريليونات دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة للانتقال إلى السيارات الكهربائية، حيث ستُستخدم هذه الأموال لبناء مصانع جديدة، وإعادة تأهيل المصانع الموجودة وتدريب العمال، ودعم التجار، وغير ذلك من الأمور الضرورية للتحول، كما تخطط الشركة الاستثمارية المذكورة لبناء أكثر من 12 مصنعا جديدا للسيارات الكهربائية والبطاريات في الولايات المتحدة وحدها، كما ذكرت نيويورك تايمز.
مع ارتفاع أسعار الوقود ارتفاعا قياسيا في الأيام الماضية بفعل الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الكبيرة على سوق الطاقة في العالم، فقد بلغ سعر برميل النفط أكثر من 135 دولارا، كما بلغ سعر الغالون الواحد من البنزين في الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال لا الحصر 4.25 دولارات، ويتوقع على نطاق واسع أن تستمر هذه الأسعار في الارتفاع مع استمرار الحرب.
وستشهد السيارات الكهربائية مزيدا من الازدهار، حيث يفكر كثير من الناس في مختلف أرجاء العالم في التحول إلى هذا النوع من المركبات مع بروز السيارات التي تعمل بالبطاريات إلى الواجهة بقوة، فهي لا تحتاج إلى الوقود وتحافظ على البيئة، وذلك ينعكس إيجابا على صحة وجيب المواطنين والسكان في كل مكان، وفق ما ذكرت منصة "دبليو يو إس إيه 9" (wusa9) في تقرير لها قبل أيام.
وقالت جنيفيف كولن، رئيسة جمعية النقل الكهربائي الأميركية (EDTA)، "هناك بعض مشاكل الإمداد لدى السيارات الكهربائية مع ازدياد الطلب وقلة المعروض"، ولكنها تتوقع أن يتجمع المصنعون بسرعة لتلبية طلب المستهلكين على مزيد من السيارات الكهربائية.
ويقول ديف غولدشتاين، الرئيس الفخري لاتحاد السيارات الكهربائية الأميركي في واشنطن، إن "سوق السيارات التي تعمل بالبطاريات قد وصلت أخيرا إلى نقطة تحول حاسمة"، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الوقود بفعل الحرب في أوكرانيا. وأضاف وهو يتنقل على طول محطات الوقود المزدحمة في سيارته الهجينة من نوع "تشيفي فولت" (Chevy Volt)، "أنا بالتأكيد أشعر بالأسف على الأشخاص الذين يتعين عليهم دفع 4 إلى 5 دولارات للغالون".
وقبل ارتفاع أسعار الوقود بسبب الحرب، توقع موقع "إدموندز" (edmunds.com) المتخصص في السيارات أن تشكل المركبات الكهربائية 4% فقط من مبيعات السيارات في الولايات المتحدة هذا العام، وذلك مع استمرار سيطرة المركبات التي تعمل بالوقود على مشتريات السيارات الجديدة في البلاد.
ولكن بعد الحرب في أوكرانيا، فإن المراقبين يقولون إن الحرب والحظر الأميركي على واردات النفط الروسية من المرجح أن يعززا سوق السيارات التي تعمل بالبطاريات بشكل كبير.
وقالت كولين عن التحول الحادث نحو المركبات الكهربائية "إنها أرخص، وأكثر جاذبية وممتعة أكثر في القيادة، وتعمل بشكل أفضل، ويكفي أنك لست مضطرا إلى الذهاب إلى محطة الوقود، ولا تلوث مجتمعك، ولا تخضع لتقلبات سوق النفط، ولا تقدم المال للديكتاتوريين"، كما ذكر تقرير منصة "دبليو يو إس إيه 9" السابق.
وفي هذا السياق، يقول اتحاد السيارات الكهربائية الأميركي إن هناك الآن 60 نوعا مختلفا من السيارات الكهربائية للاختيار من بينها، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم في العام المقبل، وأن يصل سعر بعضها إلى 22 ألف دولار أميركي، وهو سعر معقول جدا، وهناك أنواع أخرى أغلى بطبيعة الحال مثل سيارة "تسلا مودل 3″ (Tesla Model 3) و"كيا نيرو إيه في" (Kia Niro EV) ، و"فولكس فاغن آي دي-4″ (Volkswagen ID-4) حيث تراوح أسعارها بين 40 ألف دولار و59 ألف دولار، لكن غولدشتاين يقول إنه "يمكن شراء سيارات كهربائية مستعملة بسعر أقل بكثير".
ويؤكد أن "التبديل أمر منطقي من الناحية المالية لكثير من الناس وبالذات في هذه الأوقات"، وأضاف "أن الكهرباء أرخص بكثير من البنزين والديزل، وستغطي المبالغ الموفرة بسرعة التكلفة الإضافية لسيارة كهربائية، وأوضح أن "نسبة التوفير خلال 5 سنوات ستغطي الفرق في الأسعار".
ويقول المراقبون إن أطفالنا في غضون سنوات قليلة سيستهجنون أن أباءهم كانوا يقودون سيارات تعمل بالوقود، وسنبدو في أعينهم بشرا من طراز قديم.