تعهدت بروكسل بإعادة ضبط القواعد التي تحكم أكبر عمالقة التكنولوجيا في العالم بقانون جديد للحد من قوتهم التي يعتقد الخبراء أنها ستصبح معياراً عالمياً. وبموجب اللوائح الأوروبية الشاملة التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في وقت لاحق من هذا العام، سيُطلب من الشركات متعددة الجنسيات عبر الإنترنت تخفيف قبضتها على الاقتصاد الرقمي وتحرير منصاتها.
وقد تضطر شركة "أبل" إلى تضمين متاجر تطبيقات منافسة على أجهزة "آي فون" ومنصات "مياتا" ("فيسبوك" سابقاً، حتى 2021) الأساسية اللازمة لتمكين مستخدمي "واتساب" أو "فيسبوك مانيجر" من إرسال رسائل إلى الأشخاص على خدمات منافسة.
وقالت مارغريثي فيستاغير، نائبة الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، الجمعة 25 مارس (آذار)، إن قانون الأسواق الرقمية "سيحدد قواعد اللعبة" لشركة التكنولوجيا العملاقة بعد الموافقة عليه من قبل المفاوضين هذا الأسبوع.
وسيتم تطبيقه على أكبر "حراس البوابة" عبر الإنترنت فحسب، بما في ذلك منصات التجارة الإلكترونية والشبكات الاجتماعية ومحركات البحث، بقيمة سوقية تزيد على 75 مليار يورو ( 82.4مليار دولار)، وإيرادات سنوية لا تقل عن 7.5 مليار يورو (8.2 مليار دولار)، وأكثر من 45 مليون مستخدم شهرياً عبر الاتحاد الأوروبي.
مواجهة الشركات للغرامات
وستواجه الشركات التي يثبت انتهاكها القواعد غرامات تصل إلى 10 في المئة من مبيعاتها السنوية وغرامات تصل إلى 5 في المئة من مبيعاتها اليومية. ويمكن أن تؤدي أفظع الانتهاكات إلى فرض حظر على عمليات الاستحواذ.
وبحسب قوانين الاتحاد الأوروبي، يجب أن تتم الموافقة رسمياً على النسخة النهائية من التشريع من قبل البرلمان والدول الأعضاء في الاتحاد. وتتوقع فيستاغير أن تصبح القواعد الجديدة سارية المفعول في الخريف.
وقالت فيستاغير "ما تعلمناه خلال هذه السنوات هو أنه يمكننا تصحيح حالات محددة، ويمكننا معاقبة السلوك غير القانوني". وأضافت "لكن، عندما تصبح الأمور نظامية، فإننا نحتاج إلى التنظيم أيضاً، لأنه إذا ما كان هناك سوء سلوك منهجي، وإذا ما كانت هناك مواقف راسخة، فنحن بحاجة إلى تنظيم".
وبموجب قانون الأسواق الرقمية، لن يُسمح لحراس البوابة مثل "أمازون" و"غوغل" معاملة منتجاتهم وخدماتهم "بشكل أفضل" من تلك التي تقدمها الشركات الأخرى على منصاتهم.
حقبة جديدة لعملاقة الإنترنت
وقال الأكاديميون إنه من المرجح أن تمثل اللوائح بداية حقبة جديدة لعمالقة الإنترنت. وتوقعوا أن تحذو الأسواق الأخرى حذو الاتحاد الأوروبي. وقال يوانيس كوكوريس، أستاذ قانون المنافسة في "جامعة كوين ماري" في لندن، لصحيفة "ذا تايمز"، إن التشريع "كان موجوداً ليبقى وسينعكس بسرعة في عدد من البلدان".
وأضاف "المرونة التي كانت تتمتع بها شركات التكنولوجيا الكبرى ستكون مقيدة، إذ ستصبح القيود التنظيمية أكثر صرامة على مستوى العالم".
وقالت شركة "أبل" إنها تؤمن "بعمق" بالمنافسة، ولكنها أعربت عن قلقها من أن بعض عناصر قانون الاتحاد الأوروبي الجديد تخاطر بخلق "ثغرات أمنية غير ضرورية للخصوصية" للمستخدمين.
من جانبها، قالت "غوغل" إنها تدعم عديداً من "طموحات" القانون حول اختيار المستهلك وقابلية التشغيل البيني، لكنها أعربت عن قلقها من أن "بعض القواعد يمكن أن تقلل من الابتكار والاختيار المتاح للأوروبيين".
في حين قالت "أمازون" إنها تراجع ما سيعنيه التشريع لأعمالها في أوروبا. وامتنعت "ميتا" عن التعليق.
وتفاعلت أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة مع الإعلان الأوروبي، إذ أغلقت الأسهم في "أمازون" على ارتفاع بنسبة 0.7 في المئة عند 3,295.47 دولار في نيويورك ليل الجمعة. وارتفع سهم "ألفابت"، مالكة "غوغل"، 0.2 في المئة إلى 2,803.43 دولار، وزاد سهم "أبل" 0.4 في المئة إلى 174.72 دولار. وأنهت منصات "ميتا" ارتفاعاً بنسبة 1 في المئة عند 221.82 دولار.