ما بين إلقاء اللوم على غياب الحكومة وجشع التجار، تحولت معظم أصناف الخضروات في السوق الأردنية خلال شهر رمضان إلى كماليات، ولم تعد في متناول أيدي كثير من الأردنيين بسبب ارتفاع أسعارها بشكل جنوني.
الأسعار المبالغ بها دفعت بعض الأردنيين لاستحضار عبارة أطلقها رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، قبيل الشهر الفضيل بتهكم وسخرية، إذ قال الخصاونة حينها إنه "سيظهر العين الحمراء للتجار الجشعين الذين يغالون في الأسعار".
لكن ذلك لم يترجم على الأرض، وظلت أسعار الخضروات تحديداً تخضع لأهواء وأمزجة التجار، وسط تشجيع الحكومة لسياسة العرض والطلب في الأسواق منذ سنوات، وتحريره، وعدم وجود وزارة تموين، إذ وصلت أسعار بعض أصناف الخضروات إلى ما يقارب 5 دولارات للكيلو الواحد، وهي أسعار غير مسبوقة، وتثقل كاهل كثير من الأسر الأردنية، التي لا يزيد دخلها الشهري على 500 دولار، بينما لا يزيد الحد الأدنى للأجور في المملكة على 360 دولاراً.
ارتفاعات عالمية
يحاجج وزير الصناعة والتجارة، يوسف الشمالي، بأن أسعار بعض السلع في الأردن أرخص من بلد المنشأ، وأن قلة قليلة من التجار استغلوا الظروف السائدة وعملوا على احتكار بعض المواد ورفع سعرها. وبرر الوزير الأردني الارتفاعات التي تشهدها المملكة في الأسعار بأنها ارتفاعات عالمية، وليست صنيعة التاجر أو المزارع الأردني، وقد يسهم فيها أيضاً ازدياد الطلب عليها من قبل المواطنين، بخاصة في مجتمع استهلاكي كالمجتمع الأردني، موضحاً أن هناك 500 مفتش تم تدريبهم وتأهليهم وإلحاقهم بالميدان لمراقبة الأسعار في جميع محافظات المملكة.
وحددت الحكومة سقوفاً سعرية لعدد كبير من السلع، أهمها الخضروات التي يكثر الطلب عليها في الشهر الفضيل، ولا يزيد سعر الكيلو لمعظم الخضروات وفقاً للأسعار الحكومية على دولار واحد، لكن المواطنين يؤكدون أن أغلب التجار لا يلتزمون هذه السقوف، في ظل شكاوى متكررة من تفاوت أسعار السلع بين تاجر وآخر. وأوضحت وزارة الصناعة والتجارة أنه يجري اعتماد وسط حسابي للسقف السعري بين السعر الأدنى والأعلى والأغلب في السوق المركزية، وإضافة هامش ربح معقول للتاجر.
دعوات للمقاطعة
وسط هذا الجدل، تتصدر دعوات لمقاطعة السلع التي ترتفع أسعارها، واللافت أن الحكومة كانت أحد أبرز الداعين للمقاطعة، لوقف استغلال حاجة الناس في الشهر الفضيل.
من جهته، اعتبر اتحاد المزارعين الأردنيين قرار تحديد سقوف سعرية لأصناف من الخضار بأنه غير موفق، ولا يخدم المستهلك والمزارع، لأنه لا يقدر الكلفة الحقيقية، فضلاً عن ارتفاع مدخلات الإنتاج.
ويتحدث المزارعون باعتبارهم الحلقة الأضعف في المعادلة السعرية، عن أطول فترة صقيع تعرضت لها المملكة ومنطقة وادي الأردن، ما أدى لانخفاض الكميات الواردة إلى أسواق الجملة المركزية، فضلاً عن مشكلة شح المياه.