logo

أي ضرر لمصر من مبدأ التعامل بالمثل مع الأردن تجاريا؟

02 سبتمبر 2022 ، آخر تحديث: 02 سبتمبر 2022
مصر.jpg
أي ضرر لمصر من مبدأ التعامل بالمثل مع الأردن تجاريا؟

كشف متابعون لحركة النقل عن توقعاتهم باحتمال حدوث تراجع لحجم التجارة بين مصر والأردن في المرحلة المقبلة، عقب وصول الجانبين المصري والأردني إلى اتفاق يقضي بالمعاملة التجارية بالمثل في إجراءات الاستيراد والتصدير.

ويتأثر العراق بهذا القرار أيضا، إذ يحلّ على رأس الأسواق المستوردة للبضائع المصرية بخاصة السلع الزراعية المارّة بالأردن بنظام الترانزيت والتي لن تتحمل تلك الدورة من الإجراءات، برأي مراقبين.
وبدءا من اليوم الأول من سبتمبر/أيلول، يبدأ الأردن تطبيق نظام التسجيل المسبق للشحنات والاعتماد المستندي على الواردات القادمة من مصر والبضائع العابرة من المملكة الهاشمية إلى العراق (ترانزيت) من مصر بداية، بعد أن كانت الشحنات لا تحتاج للتسجيل إلا عند وصولها إلى الأردن ولا تستغرق وقتا طويلا للوصول إلى الأسواق الأردنية أو العراقية.

ويأتي ذلك بعدما قررت السلطات المصرية تطبيق نظام التسجيل المسبق للشحنات (ACI) والواردات عبر الموانئ المصرية، وهو نظام جمركي جديد يعتمد على إتاحة بيانات ومستندات الشحنة (الفاتورة التجارية وبوليصة الشحن النهائية أو المبدئية)، وذلك قبل الشحن بـ48 ساعة على الأقل، لتتمكن الجهات المعنية من رصد أي خطر على البلاد عبر نظام إدارة المخاطر.

من جانبه، طالب أحمد مصطفى نائب رئيس الاتحاد الدولي لوسطاء الشحن "فياتا" -في تصريحات صحفية- بضرورة العودة لآليات التحصيل التقليدية التي كانت تقضي بمنح المستورد فترة سماح من 90 إلى 120 يوما بعد تسلّم البضائع، وهو ما لن يحدث في حالة تطبيق نظام الاعتماد المستندي.

تكدس السلع

وأوضح طالب أحمد أن هذا النظام كان السبب الرئيس في تكدس البضائع بالموانئ مع صعوبة تدبير العملة الأجنبية مقابل البضائع، وقال رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي إن التجار الأردنيين لا يواجهون مشكلة في الرسوم، بل تتمثل المعوقات في عمليات الترانزيت بين الأردن ومصر.

وأوضح أن الشاحنة تبقى أسبوعين في منطقة جمركية بسبب التسجيل في المنصة التي تستغرق بضعة أشهر ومن ثم تتعقد العملية التجارية بين الطرفين، مؤكدًا أن هنالك إمكانات كبيرة لدى مصر لتيسير الأمر.

وفي سياق متصل، أشاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي -أمس الخميس- بالإجراءات التي أعلنها أول أمس وزير المالية محمد معيط -تنفيذا للتكليفات الرئاسية- بتيسير الإفراج عن الواردات، وتخفيف الأعباء عن المستثمرين والمستوردين في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، على نحو يسهم في خفض أعباء الأرضيات والغرامات، ومن ثم تقليل تكاليف السلع على المواطنين، حسب بيان لرئاسة الوزراء.

وتضمنت الإجراءات قرارات تسهم في منع تكدس البضائع بالموانئ حيث ستشهد الأيام القليلة المقبلة الإفراج عن أي شحنات أنهت الإجراءات الجمركية، كما أوقفت تحصيل الغرامات الجمركية من المستثمرين والمستوردين المتأخرين في إنهاء الإجراءات الجمركية بسبب المستندات المطلوب استيفاؤها من الجهات ذات الصلة؛ بما يساعد في تخفيف الأعباء عنهم.

اجتماعات للحل

وخلال اجتماعات بين الجانبين المصري والأردني، نوقشت مطالب بتبسيط إجراءات الاستيراد والتصدير بين البلدين لتخفيض الدورة المستندية، سواء بالتسجيل المسبق للشحنات أو الاعتماد المستندي.

وأكد بيان صادر عن وزارة المالية الأربعاء الماضي أن الجانبين توافقا على تحصيل مقابل الخدمات الجمركية وغيرها بينهما، وفقا لمبدأ "المعاملة بالمثل والتسجيل المسبق للشحنات (ACI)، بخاصة فيما يتعلق بالترانزيت العابر للدول الأخرى".

ونظام تسجيل المسبق للشحنات (ACI) نظام جمركي جديد يعتمد على إتاحة بيانات ومستندات الشحنة (الفاتورة التجارية وبوليصة الشحن النهائية أو المبدئية) قبل الشحن بـ48 ساعة على الأقل؛ لتتمكن الجهات المعنية من رصد أي خطر على البلاد من خلال نظام إدارة المخاطر.

وأفاد البيان بأن الربط الإلكتروني جار بين جمرك نويبع في مصر وجمرك العقبة بالأردن، بما يُساعد في تسهيل التبادل التجاري للسلع والبضائع بين البلدين، كما تم التوافق مع الجانب الأردني على تنظيم زيارات ميدانية متبادلة بين ممثلي جمرك نويبع وجمرك العقبة؛ من أجل العمل على تذليل العقبات وتسهيل الإجراءات الجمركية وتنشيط التبادل التجاري.

وأكد البيان أن وزير المالية محمد معيط شدد على ضرورة الاهتمام بمتابعة نتائج اجتماعات اللجان الجمركية المشتركة مع مختلف دول العالم بما فيها اللجنة الجمركية المصرية الأردنية، والإشراف على تنفيذ ما انتهت إليه على نحو يُسهم في تعزيز التعاون الجمركي بين البلدين؛ بما يتسق مع تطور العلاقات التاريخية بينهما في شتى المجالات.

وجاء في خطاب سابق مرسل قبل أسابيع من وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني يوسف الشمالي إلى رئيسي الغرفة التجارية والصناعة الأردنيتين: "إخضاع جميع السلع المصرية المارة بنظام ترانزيت عبر الأراضي الأردنية لإجراءات التسجيل المسبق، ووقف التعامل بمستندات التحصيل لدفع قيمة السلع المصرية الواردة إلى السوق الأردني واستبداله بالاعتمادات المستندية".

وذكر الخطاب أن تلك القرارات تأتي ردا على قيام مصر أخيرا بتفعيل نظام التخليص المسبق الأردني، ليشمل الدورة الإجرائية والرسوم المفروضة بنظام التسجيل المسبق للشاحنات.

وأصبح تطبيق النظام بمصر في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلزاميا على كل الواردات المصرية بالموانئ المصرية.

انحسار مؤقت

وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة "أوكلاند" الأميركية مصطفى شاهين حق الحكومة الأردنية في فرض إجراءات مماثلة لتلك التي تتعامل بها الحكومة المصرية، موضحا أن الحكومة اضطرت إلى فرض قيود على الواردات عمومًا ومنها الأردنية سعيا لتقليل الطلب على الدولار، لأن مصر بحاجة ماسة لتقليل الاستيراد بقدر ما تستطيع، لأنها في مأزق حاد يتمثل بالتدهور الكبير للعملة المصرية.

وقال للجزيرة نت إن اتباع الأردن للنهج نفسه تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل سيقلل الصادرات المصرية إلى الأردن نتيجة وضع قيود عليها، لافتا إلى أن كثيرا من الشاحنات البرية الآتية من سوريا أو لبنان تأتي عبر منافذ الأردن البرية إلى مصر بخاصة الفواكه، والأمر نفسه ينطبق على الصادرات المصرية إلى السعودية عن طريق الحدود البرية والعبّارات.

واستدرك شاهين بالقول إن تطبيق هذه القرارات المؤثرة على الحركة التجارية بين البلدين ربما يستغرق أوقاتا أطول من المعتاد، ولكن الأثر السلبي لن يكون كبيرا خاصة أن بعض هذه الأمور تتخذ مجراها الطبيعي لتعود الأوضاع مجددا لما كانت عليه، حسب شاهين.

وختم أن هذه الأزمة يمكن أن تؤثر على الصادرات طوال 6 أشهر، بعد أن تحل المشكلة على الجانبين، ثم تنشط وتستعيد عافيتها.

تجارة مزدهرة

وازدهرت العلاقات بين مصر والأردن على المستوى الاقتصادي بسبب القرب الجغرافي بين البلدين، الذي يجعل كلفة الشحن أقل.

ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى نوفمبر/تشرين الثاني من 2021 إلى 812 مليون دولار، وفقا لبيانات رسمية. وتستحوذ الصادرات المصرية على نسبة 73% منها.

وعلى رأس صادرات مصر، تحل الزيوت والخضراوات والفواكه ومنتجات الألبان والمنتجات الغذائية والأثاث والحديد والفولاذ والغاز الطبيعي، وفقا لبيانات وزارة الصناعة والتجارة الأردنية.

أما الصادرات الأردنية إلى مصر فتتمثل في الأسمدة والأدوية وبعض المنتجات الزراعية مثل زيت الزيتون.

وقبيل الأزمة الحالية بأشهر قليلة، نشبت أزمة تجارية محدودة بين البلدين تمثلت في وقف مصر تصدير بعض الأصناف مثل الزيوت إلى الأردن لمدة 3 أشهر.

وشكا رئيس غرفة تجارة عمّان خليل الحاج توفيق في مارس/آذار الماضي من قرار مفاجئ لمصر بوقف تصدير الزيوت النباتية بأنواعها كافة، مشيرا إلى تطلعه للحصول على "استثناء" لتجار ومصانع أردنية متعاقدة على كميات من مادة الزيت.

ولفت توفيق إلى أن الواردات من البلد العربي مصر لا تخضع للجمارك، مشيرا إلى عقود (مع مصر) لتجار ومصانع أردنية مدفوع جزء من ثمنها أو كامل ثمنها.

من جانبها، فسرت مصر قرارها بأنه يأتي في إطار خطة الدولة لتوفير احتياجات المواطنين من السلع، وبصفة خاصة السلع الأساسية.

وقبل هذه الأزمة، كانت الآمال معقودة على مزيد من التعاون قبل أن تنحدر الأمور نحو الأسوأ، ففي مايو/أيار الماضي استضافت غرفة تجارة عمان ونقابة المواد الغذائية أكبر بعثة تجارية مصرية تضم 50 شركة تجارية وصناعية متخصصة بالصناعات الغذائية ومواد الطباعة والتغليف، لتنظيم لقاءات ثنائية تجمع المستوردين والتجار والمصدّرين من البلدين.

ويرتبط البلدان باتفاقيات تجارية ثنائية وإقليمية مشتركة، أهمها:

  • اتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى.
  • اتفاقية التبادل التجاري الثنائي.
  • اتفاقية أغادير.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024