يُقصد بعجز الموازنة Budget Deficit بأنَّها حالة تحدث للموازنة العامة للدولة عندما تتجاوز النفقات حجم الإيرادات، هذا وتستخدم الحكومة مفهوم عجز الميزانية للإشارة إلى مستوى الإنفاق ولا يعني ذلك أنَّ العجز يشير إلى عمل أو شركة وأفراد محددين، فهذا العجز قد يُمثل الديون الوطنيّة المتراكمة، وعند تشخيص وجود عجز في ميزانيّة الدولة فذلك يشير إلى أنَّ المصروفات الحاليّة قد تجاوزت حجم الدخل المُستلم من خلال العمليّات الأساسيّة التي تقوم بها الحكومات في الدولة، وفي هذه الحالة قد تحتاج الدولة إلى تقليص النفقات أو زيادة الأنشطة التي تساهم في رفع الإيرادات بشكل ملحوظ، أو استخدام كلا الخيارين لعلاج وتصحيح المشكلة، ومن جهة أخرى فإنَّ عجز الموازنة يقابله مصطلح فائض الموازنة، والتي قد تحدث بصورة نادرة جدًا على مستوى العديد من الدول حاليًا عندما تكون الإيرادات أعلى من النفقات أو المصاريف المدفوعة خلال نفس الفترة الماليّة للدولة، أمَّا في حالات تساوي التدفقات الخارجة مع التدفقات الداخلة أو الإيرادات فإنَّ ذلك يشكل ما يعرف بالموازنة المتوازنة.[١]
أنواع عجز الموازنة
كما هو الحال في الدولة فإنَّ عجز الموازنة يعني أيضًا الشركات والأفراد، فقد تضع الشركة موازنةً معينةً لحصد الأرباح إلا أنَّ النفقات قد تتجاوز الإيرادات لديها مما يخلق فرصةً لحدوث عجز الموازنة الخاص بالأعمال، وكذلك أيضًا لدى الأفراد الذين يمكنهم وضع خطة معينة لموازنة شخصيّة تحدد فيها الخطوات القادمة في طريقه، وعلى جميع المستويات فإنَّ عجز الموازنة قد يختلف في أنواعه، وفي ما يأتي نذكر بعض هذه الأنواع:[٢]
1- العجز المالي
يُعرّف العجز المالي بأنَّه الزيادة في إجمالي النفقات عن إجمالي المقبوضات باستثناء القروض المأخوذة في تلك السنة، مما يعني أنَّه المبلغ الذي تحتاجه الحكومة للاقتراض لكي تتم تغطية جميع النفقات المستحقة عليه، من ناحية أخرى فإنَّ ذلك يعني أنَّ العلاقة بين العجز والمبلغ المُقترض هي علاقة طرديّة، فكلما زاد العجز الماليَّ زادت نسبة الاقتراض لدى الحكومة، ويعد العجز المالي مشكلة لأنَّه يُظهر نقاط الضعف لدى الحكومات والنقص الذي تواجهه، هذا ويمكن حساب العجز الماليّ من خلال المعادلة التالية:
العجز المالي = إجمالي النفقات - إجمالي المقبوضات باستثناء القروض
عجز الإيرادات
يُطلق مفهوم عجز الإيرادات على الحالة التي تكون فيها مصروفات الإيرادات أو ما يسمى بصورة أخرى إجمالي نفقات الإيرادات تزيد عن إجمالي الإيرادات التي يتم الحصول عليه من خلال تشغيل الإيردات الأساسيّة نفسها، بعبارةٍ أخرى يُعرف النقص في إيرادات الإيرادات مقارنةً بنفقات الإيرادات باسم عجز الإيرادات، حيث يشير الاقتصاديون والمحللون إلى أنَّ الإيرادات التي تجنيها الحكومات غير كافية لتلبية المتطلبات الأسياسيَّة للقيام بالوظائف المسؤولة عنها، ويمكن احتساب عجز الإيرادات من خلال المعادلة التالية:
عجز الإيرادات = إجمالي نفقات الإيرادات - إجمالي إيرادات الإيرادات
العجز الأولي
يعرف العجز الأوليّ بأنَّه العجز الماليّ للعام الحاليّ مطروحًا منه مدفوعات الفائدة المعلّقة على القروض السابقة، حيث إنَّ العجز الأوليّ هو شرط الاقتراض دون دفع الفائدة، وبالتالي فإنَّ العجز الأوليّ يوضح النفقات التي ستقوم الحكومات بدفعها من خلال القروض بما في ذلك مدفوعات الفائدة المُعلّقة، ويمكننا احتساب العجز الأوليّ من خلال المعادلة التالية:
العجز الأولي = العجز المالي - مدفوعات الفائدة
آثار عجز الموازنة
يؤثر عجز الموازنة على عديد من الجوانب الاقتصادية للدولة، كما أنَّه يؤثر على حركة الأعمال التجاريّة والشركات، ويمكن تلخيص أهم آثار هذا العجز في ما يأتي:[٣]
زيادة الديون
يقوم عجز الموازنة بزيادة الديون المتراكمة على الحكومات، فعندما تنفق الحكومة أكثر مما تحصل عليه فإنَّه يتوجب عليها دفع هذه النفقات، وفي حال لم يكن لديها فوائض من السنوات السابقة فإنَّه يجب عليها دفعها من خلال الديون، حيث تقترض الحكومات الأموال من خلال إصدار سندات للمستثمرين من القطاع الخاص، وبموجبها تقوم الحكومات باقتراض الأموال من القطاع الخاص والبنوك وصناديق التأمين وما إلى ذلك.
زيادة معدل الفائدة
من الطبيعي أن تحدث زيادة لمعدلات الفائدة نظرًا لزيادة الديون على الدولة والاقتراض الذي تقوم به من القطاع الخاص، فمثلًا لتستطيع الحكومات جذب المزيد من الأشخاص الذين يمكنهم إقراضها عليها زيادة نسبة الفائدة التي ترغب بدفعها على المبلغ المقترض، بحيث إن رفعت الحكومة نسبة الفائدة على القرض المراد أخذه من 2% إلى 3% سيزيد عدد الأشخاص الذين يرغبون بإقراضها، بمعنى آخر فإنَّه كلما زاد العجز ستزيد الحاجة إلى الاقتراض، وكلما اقترضت زادت نسبة الفائدة التي يتعين على الحكومة دفعها، وكلما زادت نسبة الفائدة زادت الديون والعجز، فيمكن اعتبار ذلك حلقة مغلقة تجعلك تسير بنفس المسار.
حدوث نمو اقتصادي قصير المدى
تعاني الحكومات أحيانًا من الركود فتقوم خلال هذه الفترات بتحفيز الطلب الكليّ، فعندما يحدث الركود يفقد بعض الناس أعمالهم وآمالهم وبالتالي سيصبح لديهم أموال أقل لإنفاقها، حينها تقوم الحكومات بالتدخل وخلق طلب وهميّ من أجل عدم حدوث انكماش اقتصاديّ كبير، ففي هذه النقطة تهدف الحكومات إلى تقليل الآثار السلبية للركود، وعند قيام الحكومات بالإنفاق أكثر ستصبح بحاجة إلى اقتراض أموال أكثر من القطاع الخاص، ومن الممكن أن يؤثر ذلك على النمو الاقتصاديّ على المدى البعيد.