يُعرّف كسوف الشمس (بالإنجليزية: Solar eclipse) بأنّه ظاهرة فلكية تحدث عندما يكون القمر هلالاً أثناء مروره بين الأرض والشمس؛ بحيث يتسبّب بحجب الشمس بشكل جُزئيّ أو كليّ عن كوكب الأرض، وقد ارتبطت هذه الظاهرة لدى بعض الثقافات القديمة ببعض الأساطير التي ترى أنّ حدوث كسوف الشمس قد يؤثّر بشكل مُعيّن على الحضارة الإنسانية، فقد يتسبّب حدوث كسوف للشمس بهلع بعض الناس غير المُدركين لحقيقته الفلكية؛ وذلك لاختفاء ضوء الشمس بشكل كليّ أو جُزئيّ في وضح النهار لعدّة دقائق،
ويُمكن مشاهدة ظاهرة كسوف الشمس بالعين المُجردة من الأرض ضمن مناطق قليلة على سطحها، وقد يبلغ امتداد هذه النقاط 150 كيلو متراً فقط.
كيفية حدوث كسوف الشمس
يتواجد القمر بين الأرض والشمس أثناء دورانه حول الأرض، ممّا يؤدّي إلى حجب ضوء الشمس عن الأرض حيث يقع ظل القمر على سطح كوكب الأرض، وهذا الأمر هو السبب في حدوث ظاهرة كسوف الشمس،
حيث تتحرّك الشمس في السماء عبر مسار مُحدّد تمرّ فيه بما يُسمّى مدار الشمس (بالإنجليزية: the ecliptic)، وبالمثل فإنّ القمر يدور بمسار مُحدّد آخر حول الأرض، لكنّ مسار القمر يميل بمقدار خمس درجات عن مسار الشمس، وهذا هو السبب في عدم حدوث كسوف الشمس في كلّ مرّة يكون فيها القمر بين الشمس والأرض، حيث إنّ هذا الانحراف لمساره يجعله أثناء طور الهلال بداية كلّ شهر موجوداً أعلى مستوى مدار الشمس أو أسفله وليس أمامها مُباشرةً ليحجب ضوءها عن الأرض، ويحدث كسوف الشمس مرّةً واحدةً كلّ نصف سنة تقريباً وذلك أثناء وجود القمر في نقطتي تقاطع مساره مع مسار الشمس بحيث تكون الأرض والقمر والشمس على خط مُستقيم.
أنماط ظلال كسوف الشمس
يُلقي القمر بظلاله الحاجبة لضوء الشمس عن الأرض حينما يحدث كسوف الشمس، وتُغطّي هذه الظلال جزءاً صغيراً من سطح الأرض حيث تظهر على سطح الأرض في ثلاثة أشكال مختلفة كالآتي:
الظل التام: (بالإنجليزية: Umbra)، تحدث ظاهرة الظل التام عند كسوف الشمس بشكل كلي، ففي هذه الحالة يُحجب ضوء الشمس بشكل كامل عن منطقة الكسوف لتُصبح تلك المنطقة مُظلمةً تماماً، ويستطيع الأشخاص الموجودون داخل منطقة الكسوف الكلي فقط مشاهدة الظل التام.
الظل الجزئي: (بالإنجليزية: Antumbra)، تُعتبر الظلال الجزئية ذات تأثير أقل من الظل التام، ونادراً ما يتمّ مُشاهدة الظل الجزئي على سطح الأرض، حيث إنّ هذه الظلال تتكوّن بعيداً عن الأرض.
شبه الظل: (بالإنجليزية: Penumbra)، تحدث هذه الظلال في المنطقة التي يحدث فيها الكسوف الجزئي، حيث يظهر ظل خارجي خفيف للقمر، ويستطيع الأشخاص الموجودون ضمن منطقة الكسوف الجزئي رؤية القمر بلون رماديّ أو ضارب إلى الحمرة.
أنواع كسوف الشمس
هناك ثلاثة أنواع لكسوف الشمس،وهي كالآتي:
الكسوف الكلي
يحدث الكسوف الكلي للشمس (بالإنجليزية: Total solar eclipse) عندما يقع كلّ من الأرض والقمر والشمس على خط مستقيم، حيث تُحجب أشعة الشمس بشكل كُليّ وتُصبح السماء مُظلمةً كما لو كانت ليلاً، ويتمكّن عدد قليل من الناس على سطح الأرض مُشاهدة تلك الظاهرة الكونية وهم أولئك الذين يتواجدون في مركز ظل القمر على سطح الأرض، ويُمكن أن تبقى الشمس في حالة كسوف كُلي لفترات قصيرة مُتفاوتة وذلك تبعاً لبعض التفاصيل الفلكية، فقد يستمر الكسوف الكُلي لبضع ثوانٍ وقد يستمر لمدّة تصل إلى ثماني دقائق تقريباً، ويبدأ الكسوف الكلي بمرحلة كسوف جزئي للشمس؛ حيث يبدأ القمر بتغطية قرص الشمس بشكل تدريجيّ، وبعد مرور ساعة من الوقت تقريباً يُغطّي القمر الشمس بأكلمها ليحدث الكسوف الكلي.
الكسوف الحلقي
يحدث الكسوف الحلقي للشمس (بالإنجليزية: Annular solar eclipse) عندما يكون القمر أبعد ما يُمكن عن كوكب الأرض، ممّا يجعله أصغر من أن يُغطّي كامل قرص الشمس كما في حال حدوث الكسوف الكلي، ففي هذا النوع من الكسوف يظهر القمر على هيئة قرص مُظلم موجود أمام قرص مُلوّن أكبر منه وهو قرص الشمس، ونتيجةً لعدم حجب القمر لكامل القرص الشمسي فإنّ بعضاً من أشعة الشمس تظهر حول القمر على هيئة حلقة مُحيطة به.
الكسوف الجزئي
يحدث الكسوف الجُزئي (بالإنجليزية: Partial solar eclipse) عندما يحجب القمر جزءاً من الشمس بحيث تُصبح المنطقة التي يحدث فيها الكسوف الجزئي مُغطاةً بشبه الظل (بالإنجليزية: Penumbra) من القمر، ويُشار إلى أنّ هناك نوعاً آخر من الكسوف الشمسي يُسمّى بالكسوف الهجين (بالإنجليزية: Hybrid solar eclipse) وهو نوع يجمع بين الكسوف الحلقي وبين الكسوف الكلي، حيث يتحوّل الكسوف الحلقي إلى كسوف كلي بعد مرور فترة من الوقت، ويُعتبر هذا النوع من الكسوف الشمسي أكثر أنواع الكسوف نُدرةً.
مراحل كسوف الشمس
يحدث كسوف الشمس نتيجة مرور القمر أمام الشمس في مراحل مُتعددة، وهي كالآتي:
الشمس المُكتملة: (بالإنجليزية: Full Sun)، وهي المرحلة التي تحدث قبل بدء ظاهرة الكسوف، كما أنّها تحدث بعد انتهاء الكسوف، حيث يكون قرص الشمس ظاهراً بأكمله في السماء، وتُسمّى المنطقة التي تظهر فيها أشعة الشمس باسم الكرة الضوئية (بالإنجليزية: Photosphere)، وفي هذه المرحلة لا يتمّ ملاحظة القمر أثناء اقترابه من الشمس ليبدأ بتغطيتها.
الاتصال الأول: (بالإنجليزية: First Contact)، وهو المرحلة الأولى التي يبدأ خلالها الكسوف الفعلي للشمس، حيث تتمثّل هذه المرحلة بتلك اللحظة التي يبدو فيها قرص القمر مُلامساً لحافة قرص الشمس من اليمين كما يظهر من النصف الشمالي من الكرة الأرضية.
الكسوف الجزئي: (بالإنجليزية: Partial solar eclipse)، وهي المرحلة التي يحجب القمر جزءاً من الشمس.
الاتصال الثاني: (بالإنجليزية: Second Contact)، تحدث هذه المرحلة عندما يقترب قرص القمر من تغطية قرص الشمس بشكل كامل.
الكسوف الكلي: (بالإنجليزية: Total solar eclipse)، تتمثّل هذه المرحلة في اللحظات التي يُغطّي القمر الشمس بأكلمها.
الاتصال الثالث: (بالإنجليزية: Third Contact)، وهي المرحلة التي ينتهي خلالها الكسوف الكلي، وتبدأ هذه المرحلة ببدء حافة القمر بالابتعاد عن قرص الشمس.
استعادة أشعة الشمس: (بالإنجليزية: Sunlight Restored)، وهي تلك المرحلة التي تبدأ خلالها أشعة الشمس بالظهور مرّةً أخرى، وتبدأ بعد لحظات من مرحلة الاتصال الثالث.
الاتصال الرابع: (بالإنجليزية: Fourth Contact)، وهي المرحلة التي ينتهي خلالها الكسوف الشمسي، وتبدأ من اللحظة التي تبدو فيها حافة القمر ملامسةً لحافة قرص الشمس.
كيفية مشاهدة الكسوف بأمان
لا تختلف مضار النظر إلى الشمس أثناء الكسوف عن مضار النظر إليها في أيّ يوم اعتيادي، فالإشعاعات الشمسية هي نفسها في أيّ وقت، ولكن توجد طُرق آمنة تُمكّن الشخص من النظر إلى ظاهرة الكسوف بشكل آمن، ومن هذه الطرق الحصول على نظارة خاصة بالكسوف، حيث تمنع مثل هذه النظارات جزءاً كبيراً من الإشعاعات الشمسية من الوصول إلى العين، كما أنّها تحجب الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية الضارة بالعين البشرية ممّا يُتيح لمُرتدي تلك النظارات إمكانية النظر بشكل مُباشر إلى كسوف الشمس، ويُمكن إزالة تلك النظارات أثناء كسوف الشمس الكُلي، ولا بدّ من الحرص على ارتدائها مرّةً أخرى أثناء انحسار الكسوف الكلي وبدء عودة أشعة الشمس بالظهور مرّةً أخرى، ومن الطرق الأخرى التي تُتيح مُشاهدة الكسوف الشمسي عمل ثقب صغير في الورق المُقوّى؛ حيث سيكون هذا الثقب بمثابة عدسة صغيرة تُشكّل صورةً للشمس، ويمكن مشاهدة مراحل كسوف الشمس من خلال مراقبة ظل الورق المقوى على سطح ما.
أبرز المشاهد أثناء كسوف الشمس
الهالة الشمسية
تظهر الهالة الشمسية (بالإنجليزية: Solar Corona) على شكل إكليل برّاق مُشرق يُحيط بقرص الشمس أثناء حجب القمر له، وتتكوّن الهالة الشمسية من غاز خفيف متوهج ذي درجات حرارة مرتفعة جداً تتراوح بين مليون ومليوني درجة مئوية، إذ يستقطب المجال المغناطيسي الخاص بالشمس الغاز المشحون الساخن، ويُوصى بتجنّب النظر إلى ظاهرة الهالة الشمسية أثناء تكوّنها، حيث قد يتسبّب الظهور المفاجئ لقرص الشمس في إلحاق الأذى بالعينين، ويُمكن مراقبة هذه الظاهرة من خلال تلسكوب ذي خاصية ترشيح الأشعة، على الرغم من أنّ استخدام التلسكوب لمشاهدة هذه الظاهرة لا يكون مُختلفاً كثيراً عن مُشاهدتها بالعين المُجردة.
الكرة اللونية والوهج
تُرافق كسوف الشمس ظاهرة الكرة اللونية التي يظهر بها جزء من القمر وكأنّه مُحاط بظلال حمراء مُتوهجة على شكل هلال، وهذه الظاهرة لا تنتج عن القمر نفسه وإنّما هي عبارة عن الجزء السفلي من الغلاف الجوي للشمس والذي يُعرف بالكرموسفير (بالإنجليزية: chromosphere)، ويعود ظهور اللون الأحمر في تلك الظاهرة إلى غاز الهيدروجين المُكوّن لطبقة الكروموسفير، وجدير بالذكر أنّ تلك الطبقة تكون درجة حرارتها مُرتفعةً جداً إذ تُقدّر بعشرة آلاف درجة مئوية، وتُعتبر ظاهرة الوهج (بالإنجليزية: Prominences) من الظواهر الأخرى التي قد تُرافق الكسوف الشمسي، حيث يظهر خلالها بعض النقاط الحمراء الفردية على طول حافة القمر، والتي قد يظهر بعضها كأنّها مُنفصلة عن تلك الحافة، ويعود سبب ظهور النقاط إلى سُحب من الغاز يتمّ اجتذابها بفعل قوى المجال المغناطيسي للشمس، وقد تكون بعض هذه السُحب كبيرةً بحيث يتجاوز حجمها عشرات أضعاف عرض كوكب الأرض على الرغم من أنّها قد تبدو صغيرةً عند النظر إليها.
خرز بيلي
يعود السبب في حدوث ظاهرة خرز بيلي (بالإنجليزية: Baily’s Beads) التي قد تُرافق حدوث كسوف للشمس إلى انعكاس بعض من أشعة الشمس على فوهات سطح القمر؛ حيث قد تسمح بعض من الأجزاء المُنخفضة لسطح القمر للإشعاعات بالمرور من خلالها، وعادةً ما يُمكن ملاحظة تلك الخرزات في لحظات ما قبل وبعد حدوث الكسوف الكلي للشمس، وعادةً ما تظهر تلك الخرزات بشكل جليّ على طول حافّة المسار الكلي للكسوف، ويُوصى بعدم النظر بشكل مُباشر إلى تلك الظاهرة أثناء حدوثها، حيث يجب حماية العينين بأدوات حماية مُناسبة، وسُمّيت خرزات بيلي بذلك الاسم نسبةً إلى عالم الفلك الإنجليزي فرانسيس بيلي الذي استطاع في العام 1836م ملاحظة تلك الظاهرة بعد حدوث كسوف شمسيّ.
خاتم الماس
تُعتبر ظاهرة خاتم الماس (بالإنجليزية: Diamond Ring) ظاهرةً طبيعيةً قد تترافق مع حدوث كسوف للشمس، وتحدث هذه الظاهرة قبل وبعد لحظات قليلة من حدوث الكسوف الكُلي للشمس، حيث يكون جزء صغير جداً من الغلاف الضوئي للشمس قيد الرؤية.