نظرا لأن غالبية سكّان العالم يمتلكون اليوم هواتف ذكيّة، ومع التطورات السريعة في التكنولوجيا المالية واستخدام التطبيقات، أصبح معظم الناس اليوم يتعاملون من خلال الدفع الرقمي، وهو ليس مجرد شكل من أشكال تسهيل الأمور الحياتية، بل ينظر إليه الجميع على أنه نوع من السلامة والأمان في إطار مرحلة التحول من النقد إلى الدفع الإلكتروني.
وفي تقرير نشره موقع "إنتربرنور"(entrepreneur) الأميركي، قالت الكاتبة مامتا رودريغيز إن تكنولوجيا المدفوعات الرقمية أصبحت جزءا من قطاع الاتصالات والتجارة، مرورا بالعلامات التجارية العالمية، وهو ما أسهم ليس فقط في طرق الدفع، بل في أشكال التمويل أيضا، وكان له تأثير مركب على العملاء.
أكدت الكاتبة أن أحد الآثار الإيجابية لجائحة كورونا أن الناس أصبحوا يشعرون براحة أكثر من أي وقت مضى عندما يشترون عبر الإنترنت. ولم تعد الرغبة بالتفاعل في الفضاء الرقمي مقتصرة على الأجيال الشابة، بل أصبح مألوفا رؤية الجيل الأكبر سنا يدفع عبر الإنترنت.
وفي البلدان النامية، ساعدت التطورات السريعة في مدفوعات التكنولوجيا المالية لتسهيل المعاملات التجارية، وقد لاحظت الكاتبة في رحلتها الأخيرة إلى الهند أن محل أزهار صغيرا للغاية أصبح يقبل المدفوعات الرقمية، مما يؤكد أن البلدان النامية في طريقها لتبني المدفوعات الرقمية، ومن ثم أنظمة دفع أكثر شفافية يمكن تتبعها وإدارتها، وهو ما سيؤدي لزيادة المنافسة وتعزيز النمو الاقتصادي.
وأوضحت الكاتبة أن الاقتصاد غير الرسمي يمثل أحد المصادر الرئيسية للدخل لكثير من السكان في أميركا اللاتينية. وحسب تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن ما يقارب 70% من الناتج المحلي الإجمالي لم يكن مسجلا في أنظمة الدفع الرسمية، ومن ثم لم يكن خاضعا لسيطرة الحكومة في عام 2018. أما الآن، في عام 2023، فقد باتت 36% فقط من قيم معاملات نقاط البيع نقدا.
والمدفوعات الرقمية تسير في اتجاهين، فبصفتك مستهلكا يمكنك الدفع، وبصفتك منتجا، يمكنك الحصول على تدفق نقدي مستمر بفضل سهولة الوصول إلى حساباتك المالية.
يخلق هذا السيناريو المربح للجانبين المزيد من عقلية ريادة الأعمال، إذ ترى العلامات التجارية فرصا للتواصل وبناء علاقة مباشرة دائمة مع المستهلكين الذين لديهم الآن خيارات رقمية في كل مكان.
وفي تقرير آخر نشرته مجلة "فوربس" (Forbes) الأميركية المتخصصة في شؤون المال والأعمال عن قوة شركات التكنولوجيا المالية، ذكرت الكاتبة يولاند بيازا أنه مع وجود هذا السيناريو المتطور باستمرار، يتبادر إلى الذهن سؤال واحد: كيف تتعامل الشركات مع هذا النظام المالي وتدمج المدفوعات في أعمالها؟ والإجابة ببساطة هي: البيانات.
أكدت الكاتبة أن إدخال المدفوعات الحديثة إلى الأسواق الناشئة يخلق عالما من الفرص، لأنه من خلال التحوّل إلى المدفوعات الرقمية، تكتسب الشركات القدرة على تتبع المستهلك من تاجر إلى آخر، مما يمكنها من فهم المعاملات والأنماط السلوكية بشكل أفضل، والانتقال إلى التخصيص المفرط للعروض والمنتجات.
وحسب الكاتبة، يمكن أن تقلب هذه البيانات إستراتيجيات التسويق وتعيد تصور رحلة العملاء مع البائعين لتقديم عروض جديدة وبرامج ولاء في علاقة مباشرة بين العلامات التجارية والمستهلكين من خلال تدفقات الدفع.
عند استخدامها بشكل صحيح، فإن حلول الدفع الحديثة لا توفر الراحة للمستخدم فحسب، بل تعمل أيضا على تحسين السلامة والأمن والسرعة في كل خطوة. علاوة على ذلك، يمكن للبيانات الكامنة وراء المدفوعات أن تغير طريقة اكتشافنا للعملاء والتفاعل معهم.
بالنسبة للشركات، فهي فرصة لإطلاق حملات مستهدفة وتقديم الخدمات والمنتجات بسهولة. وعلى الصعيد العالمي، يمكنها إنشاء "بيئة مستخدم صديقة للمستهلكين" في منصاتها وزيادة إيراداتها وقاعدة عملائها.
أصبحت الآن لدى المستهلك خيارات أكثر من أي وقت مضى.
وتحرص اليوم الشركات العالمية على التعامل مع الشركات الناشئة في التكنولوجيا المالية لتقدم أفضل ما يمكن لعملائها الذين يبحثون عن تجربة متسقة وسلسة من البداية إلى النهاية.
ومن خلال تلك المعادلة، فإن قطاع الخدمات المالية لديه القدرة على تغيير العالم كما لم نكن نعرفه من قبل، وهذا التغيير يحدث أمامنا اليوم.