عاد صندوق "تحيا مصر" مجددا لتصدر واجهة حملات التبرع في الأيام الأخيرة بالبلاد، بعد توجيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتكثيف جهود الصندوق في مواجهة التحديات المجتمعية بمصر على خلفية الأزمة الاقتصادية المستمرة.
وخلال الأيام الماضية كثفت وسائل الإعلام دعوات التبرع عبر المشاهير ونواب البرلمان، كما شهدت مواقع التواصل مبادرات عدة لتبرع المصريين بالخارج.
واجتمع الرئيس السيسي مع مستشاره للشؤون المالية اللواء محمد أمين، لمناقشة أوضاع الصندوق، وانتهى الاجتماع لتصعيد جهوده في المشهد المصري، ولم تتوقف من يومها حملات التبرعات.
ودعا باحث اقتصادي إلى ضرورة تحول الصندوق من جمع التبرعات إلى تفعيل الإنتاج والتنمية، مرجحا أن تكون الحملات الحالية للتبرع للصندوق من أجل إنقاذه من تعثر مالي كغيره من المؤسسات الخيرية بمصر.
ووفق بيان رسمي لرئاسة الجمهورية، فقد تجاوز إجمالي المساهمات التي ضخها الصندوق في مختلف القطاعات والمجالات على مستوى الجمهورية منذ إنشائه وحتى الآن؛ مبلغ 22 مليار جنيه (الدولار= 29.65 جنيها).
وتكلفت أنشطة الصندوق في مجال التطوير العمراني والإسكان البديل حوالي 7 مليارات جنيه، في حين تكلفت في مجال الرعاية الصحية (الإجراءات الطبية المصاحبة لجائحة كورونا والمبادرات الصحية المتنوعة والأجهزة الطبية بالمستشفيات) حوالي 11 مليار جنيه، وتكلفت مبادرات الحماية الاجتماعية حوالي مليار و300 مليون جنيه.
وبلغت مساهمات الصندوق، وفق البيان الرئاسي، في التمكين الاقتصادي وتوفير فرص العمل حوالي 400 مليون جنيه، والتعليم حوالي 531 مليون جنيه، وبرنامج رعاية الموهوبين حوالي 200 مليون جنيه، وقطاع الاستثمارات حوالي 400 مليون جنيه، فضلا عن التدخل في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية بمبلغ حوالي مليار جنيه.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير باسم راضي بأن صندوق "تحيا مصر"، له دور حيوي منذ تأسيسه كمعاون لأجهزة الدولة في دعم برامج الحماية الاجتماعية والمشروعات التنموية على مستوى الجمهورية، مؤكدا نجاحه في العديد من القطاعات لتحسين مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بالخدمات.
وسجل صندوق "تحيا مصر"، رقمين قياسيين بموسوعة "غينيس" للأرقام القياسية في أواخر عام 2020، بعد نجاحه في تنظيم أكبر قافلتين في العالم للتبرع بالدواجن وعبوات المواد الغذائية، وتوزيعهما على فقراء مصر.
من جانبه، يوضح المتحدث باسم صندوق تحيا مصر، محمد مختار، أن الصندوق صاحب دور وسيط مهم بين المساهم والشخص المستهدف، وفق خطة واضحة معلنة وتلقى دعما رئاسيا، ما يعزز ثقة المتبرعين في الصندوق الفترة المقبلة.
وأضاف في تصريحات متلفزة أن آلية الرقابة والمتابعة واضحة، ولا يوجد رقم يخرج من الصندوق إلا بموافقة الرئيس السيسي الذي يراقب بنفسه أعمال الصندوق، ويوليه الاهتمام والرعاية، فضلا عن وجود شركاء في القطاع المصرفي، مساهمين في دعم مشروعات الصندوق، تصل لهم تقارير مالية وفنية بكل ما يتم إنجازه على الأرض، وهو المعيار الحقيقي للتقييم والمتابعة، ولا يستطيع أحد إنكاره، وفق رأيه.
ويؤكد مختار أن الصندوق يحرص على فتح باب رزق ومصدر دخل ثابت للمواطنين عبر عدة مبادرات أبرزها مبادرة "مستورة"، لدعم السيدات في مشروعات متناهية الصغر و"بر الأمان" لحماية الصيادين من مخاطر المهنة.
وشهدت الأيام الأخيرة حملات حملة دعائية حكومية واسعة وغير مباشرة لجمع تبرعات لدعم الصندوق، وإنعاش ميزانيته عبر وسائل عديدة منها:
في المقابل، يوضح الباحث الاقتصادي إبراهيم الطاهر أن الصندوق جزء من إمبراطورية حكومية اقتصادية موازية لموازنة الدولة تتمثل في الصناديق المالية السيادية الخاصة، وهو ذراع مالي قوي تلجأ له الحكومة وقت حاجتها، لكن الأزمة حاليا في غياب الروافد المالية التي قد تمول الصندوق، وذلك في ظل أزمة التبرعات الحالية بمصر.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى الطاهر أن الصندوق بحاجة إلى رقابة وإفصاح كامل عن كل تفاصيله لا إجمالي النفقات، مع تغيير أنشطته بما يصب في صالح التنمية عبر التوسع في الإنتاج والتصدير والاكتفاء الذاتي من السلع الإستراتيجية، حتى يمكن القول إنه يصلح التعويل عليه في الفترات المقبلة.
بدوره، يقول البرلماني السابق ورئيس برلمان المصريين بالخارج سابقا، محمد جمال حشمت، إن "الوضع الاقتصادي الحالي يفوق قدرات صندوق لا ضابط له، وتحكمه تصورات فردية لا تحمي من جوع ولن تغني عن تصحيح المسار برمته (وهو تصحيح لا بد منه) بدلا من انتظار الشعب صدقات لن تكفيه مَؤونة مواجهة الأوضاع الصعبة الراهنة"