مصطفى رضوان
مهرجانات عروض السلع
بقلم الكاتب والمختص الاقتصادي: مصطفى رضوان
تزداد مهرجانات عروض السلع يومياً على منصات التواصل الاجتماعي وبات أصحاب المولات والعاملين فيها في غزة ومدن أخرى من فلسطين من مشاهير الفيس بوك والتيك توك، وأغرت المواطنين الذين ينظرون إليها بإيجابية ففتحوا جيوبهم لشراء المعروض من السلع لا سيما تلك التي يتم ترويجها على أنها "رخيصة".
وتعدّ ظاهره وجود عروض تجارية على بعض المنتجات ليست بالأمر الجديد، إذ يعكف التجار في العادة في نهاية كل عام على جرد مخزون واحتساب الأرباح ومن خلاله تظهر فوائض في بعض المخزونات والتي بات تاريخ صلاحيتها على مشارف الانتهاء ليكتفي غالبهم بالربح الذي تحقق من المنتج خلال العام، ولا مشكلة لديهم لو "تخلصوا" من البضاعة المتبقية بسعر التكلفة أو حتى أقل من ذلك إذ أنهم حققوا ربحهم من بيع المنتج خلال العام، ويبقى ربح المتبقي أيا كان سعره أفضل من إتلافه.
لكن المثير هذه الأيام كثرة "العروض" وتنوع الأصناف حديثة تاريخ الإنتاج، مما يفتح التساؤل على مصراعيه، هل يمكن أن يبيع التاجر بضاعة ذات تاريخ إنتاج حديث ويخسر فيها!؟
الإجابة التي لا يختلف عليها اثنان: بالطبع لا، لكن ما الذي يحصل؟ ومن الذين يقومون بهذه العروض؟
هذه الأسئلة وغيرها تدور في أذهان العديد من المواطنين والمختصين الاقتصاديين، فمنهم من عزا سبب ذلك لانتشار ظاهر التكييش "المبنية على الدفع الآجل لثمن البضاعة والقيام بإعادة بيعها بثمن عاجل للحصول على سيولة".
ومنهم من اعتبر أن ما يحصل هو عملية غسيل أموال تحدث نتيجة صعوبة إدخال المال لغزة، وآخرين قالوا إن الركود الاقتصادي الكبير الناتج عن الأزمات العالمية سبب الأمر.
وتقتضي الحقيقة القول إن مجموعة الأسباب السابقة قد تكون مجتمعة السبب وراء ذلك، لكن بالنظر إلى من يقومون بهذه العروض نجد أنهم كبار التجّار ممن يمتلكون مولات تجارية كبيرة ولهم قدرات استيرادية، حيث يعتبرون هم جهة التنفيذ مما قد يعني أن سببا إضافيا آخر قد يكون هو المحرك الأساسي وهو أنّ الأسعار التي كان يتم تسعيرها سابقاً لبعض البضائع مرتفعة ولها هوامش ربح كبيرة جدا، وأنّ ما نسميه "عرضا" المفترض أن يكون هو السعر الطبيعي إذا ما كان هناك ضبط لهوامش الربح للتجار.
ومن هنا يبدو أن على الجهات الرسمية إعادة النظر في أسعار جميع المنتجات وضبط الحالة السعرية وتحديد هوامش ربح منطقية وعمل دليل سعري استرشادي لأدق الأصناف والمنتجات،حماية للمستهلك و صغار التجار الذين باتت مصالحهم التجارية تعاني كسادا دفع بعضهم للاغلاق.
وأن تقوم دائرة حماية المستهلك بدورها الحقيقي في الحماية التي تتعدى فحص سلامة المنتج إلى سلامة سعره.
هنا قد يخرج البعض ليتحدث عن اقتصاديات السوق الحر والمفترض ألا تتدخل الحكومة في تسعير المنتجات التي لا تُعد أساسية وأن إيجاد أجواء المنافسة كفيلة بضبط الأسواق، لكن بكل وضوح نحن هنا في غزة وفلسطين عموماً وفي ظل حالات الحصار والتضييق الأصل ألا نتبنى هكذا نظريات لخصوصية الحالة، ففي ظل رواتب زهيدة وبطالة مرتفعة وفقر مدقع لا تحدثني إلا عن اقتصاد مبني على ضبط الحالة التجارية ومستويات المعيشة.