مصطفى رضوان
عمّال المولات
بقلم الكاتب والمختص الاقتصادي: مصطفى رضوان
استمعت اليوم بحسرة لقصة العامل الذي أقدم أحد المولات الكبرى بغزة على طرده لمجرد أنه تناول "ساندويشة" أثناء فترة الدوام على حد قول "العامل".
هذه الحادثة وغيرها تفتح الباب للحديث عن معاناة العمّال في غزة عموما وعمّال المولات على وجه أخصّ، اذ يمارس بحقهم أنواع الاضطهاد بدأ من ساعات العمل اليومية والتعامل الفوقي من إدارة المولات، وليس انتهاء بالمرتبات الزهيدة التي يتلقونها، اذ يبلغ متوسط أجر اليوم الواحد قرابة العشرون شيكلا ما معدّله (2شيكل) في الساعة، دونما احتساب لعطل رسمية أو أسبوعية.
العامل المغلوب على أمره مضطر لقبول هذا الأمر حيث صفريّة الخيارات المتاحة أمامه رغم حيازته في كثير من الأحيان شهادات علمية، فمعدّل البطالة في قطاع غزة هو الأعلى عالميا اذ وصل الى نحو (45%) مما يعني أنه في حال اعترض "انطرد" فالكثير مستعد لشغر المكان وحتى بمبلغ أقل للأسف!
الأمر الذي يفتح شهية أصحاب المعالي من حملة رؤوس المال الى الضغط أكثر على العامل خصوصا في ظل عدم توفير الجهات الحكومية الحماية اللازمة.
وبالنظر الى الجدوى الربحية لفتح مولات تجارية نجد أنها كبيرة بدليل اقدام عديد من أصحاب المولات على افتتاح أكثر من فرع في قطاع غزة،
وليتخيّل البعض حجم الربح؛ يكفي أن نشير الى أنّ رواتب جميع عمّال المول في اليوم قد يتم تحصيلها فقط من فرق الأغورات الحاصل في فاتورة المشتري اذ يقوم "الكاشير" بجبر المبلغ بوضع مصاص لا يساوي شيء.
ولتقريب المسألة أكثر قمت بعمل دراسة على عدد روّاد أحد المولات فوجدت المتوسط اليومي 3000 مشتري.
في حين يعمل في هذا المول قرابة 60 عامل، فلو تم جبر نصف شيكل فقط عن كل مشتري لتحصّل المول على فائض ربح "غير ربحه من البيع" 1500 شيكل في اليوم في حين أن اجمالي رواتب العاملين قرابة (1200شيكل) في اليوم.
بمعنى أن أجر العامل في الأساس يتحصّل عليه المول فقط من جبر الأغورات "من جيب المشتري".
رغم ما سبق نجد الاجحاف بحق هذا العامل، ومن هنا أدعو الحكومة الى ضرورة اتخاذ الخطوات التالية:
1- إلزام المولات بتطبيق حد أدنى للأجور
2- فرض لوائح الزامية تنظم العمل وتحفظ حق العامل في الاجازات وغيرها وعدم ترك المسألة لأصحاب المول.
3- عمل جولات متابعة ميدانيه لترسيخ قناعة أن العامل له درع حامي.
4- سن قانون عقوبات بحق من يخالف النظام الأساسي للعمل.
5- الإعلان بشكل رسمي عن المخالفين لينبذهم المجتمع.
وختاما لا يخفى على أحد ان الانسان هو محور التغير والبناء ورأس مالنا في مشروع التحرر الوطني، لذا لابد أن نقف جميعا في صفه، ونقف في وجه حيتان المال الذين لا يهمهم الا جيوبهم.