هل سمعت من قبل عن علم نفس المال؟ إنه ذلك العلم الذي يحاول أن يحلل عقلية المستثمر والحالات النفسية التي تؤثر على قراراته المالية.
ووفق دراسات علم النفس، لا يتخذ الفرد قرارات عقلانية دائما -على عكس النظرية الاقتصادية التقليدية- بل يلجأ إلى اتخاذ قرارات غير عقلانية تحت تأثير الظروف النفسية اليومية.
وفي تقرير نشره موقع "إنفستوبيديا" (Investopedia) الأميركي المعنِي بشؤون الاستثمار، أكد الكاتب آدم هايز أهمية الحالة النفسية للمستثمر، وأشار إلى أن كل شخص يعيش ظروفا مختلفة، فالحياة الاجتماعية عبارة عن عملية ديناميكية تشمل متغيرات عديدة. لهذا السبب، ربما لا يتصرف عديد من الناس بعقلانية إذا ما تعرضوا لبيئات تتسم بعدم الوضوح وتنطوي على المخاطر، ويكون لعواطفهم وأحكامهم المسبقة تأثير كبير في قراراتهم.
وحدد التقرير العناصر التي تلعب على نفسية المستثمر ويكون لها تأثير مباشر على قراراته من أهمها ما يلي:
ووفقا للنظرية الاقتصادية التقليدية، يلجأ الأفراد إلى الاختيارات التي من شأنها أن تحقق لهم الفائدة القصوى في أعمالهم التجارية، لكننا نجد في الواقع ما لا يمت إلى هذه النظرية بصلة، إذ إن الحالة النفسية للفرد تؤثر عليه، وتجعله يتخذ قرارات لن تعود عليه بالفائدة في أحيان كثيرة.
وحسب الموقع، من أكثر مجالات الاستثمار التي يتم فيها اتخاذ قرارات غير عقلانية بشكل متكرر هي استثمارات المحفظة المالية. ويتخذ الأفراد عددا من هذه القرارات نتيجة تأثرهم بحدوث انخفاض أو ارتفاع مفاجئ في الأسواق المالية. ويعد انخفاض أسعار الأسهم في وول ستريت عام 1929 و"الاثنين الأسود" عام 1987 والأزمات المصاحبة لهما من أمثلة الاستثمار النفسي.
وأشار التقرير إلى أن الرأي القائل إن الأفراد يتخذون قرارات عقلانية حسب النظرية الاقتصادية التقليدية غير واقعي، بل إن الناس يواجهون مواقف وأحداثا مختلفة تؤثر على حالتهم النفسية، وبالتالي على عملية اتخاذ القرارات.
وفي تقرير آخر استعرض موقع "ياترم كريدي" (Yatirimkredi) التركي أهم العوامل النفسية التي تؤثر على القرارات الاستثمارية. وحاول التقرير الإجابة عن السؤال التالي، لماذا يتخذ الناس قرارات غير عقلانية في الاستثمار؟
يمثل هذا السؤال المجال الرئيسي لدراسة مفهوم الاستثمار النفسي. ولتحديد الأسباب التي تجعل الأفراد غير قادرين على اتخاذ قرارات عقلانية، طرح التقرير عدة فرضيات:
وضع أسس هذه النظرية كل من دانيال كانمان وآموس تفيرسكي في دراسة نشرت عام 1979 تحت عنوان "نظرية الاحتمالية: تحليل القرار في ظل المخاطرة". وتقوم الفكرة الأساسية لهذه النظرية على اعتبار أن الناس لا يتصرفون بعقلانية دائما عند اتخاذ القرارات في المواقف المحفوفة بالمخاطر، لذلك لا يتخذون الخيارات التي توفر لهم الفائدة القصوى. كما تؤثر الخسائر عاطفيا على المستثمرين بشكل أكبر من تأثير المكاسب وتترك أثرا أعمق.
عرّف التقرير الثقة المفرطة بأنها حالة شعورية تجعل الفرد يعتقد أن لديه مهارات أو معرفة أو ميزات تفوق نسبيا تلك التي يمتلكها عامة المجتمع. وهذا الشعور يجعل الفرد يؤمن بشكل تام بالمعرفة والخصائص التي يمتلكها، وبصحة الإجراءات التي اتخذها أو سيتخذها لاحقا سواء في مكان عمله أو حياته الاجتماعية أو عند الاستثمار. كما يميل الأشخاص من هذا النوع إلى اتخاذ القرارات بشكل فجائي متجاهلين احتمالات وقوع خطأ ما، مما يزيد من مخاطر الاستثمار.
يمكن تعريفها على أنها تبني الأفراد لسلوك ما وطريقة تفكير معينة لمجرد أن "كل شخص يفعل ذلك". وإذا تم اعتماد سلوك معين أو معتقد من قبل مجموعة كبيرة من الناس، فإن ذلك يزيد من احتمال أن يتبنى شخص آخر هذا السلوك أو المعتقد. ويشير علماء النفس إلى أن هذا التأثير قد ينعكس سلبا على أفكار الناس وقراراتهم.
أفاد تشارلز ماكاي -مؤلف كتاب "الأوهام الشعبية غير العادية وجنون الجماهير" الذي نشر عام 1841- بأن الناس يفكرون بشكل جماعي، بينما يتعقلون فرادى وبشكل بطيء. ويتأثر الناس بسهولة بمعايير وطرق تفكير المجتمع، لذلك عندما تتبنى الأغلبية سلوكا معينا، يكون من الصعب جدا على الفرد رفضه. ويؤثر الضغط الناتج عن ذلك الشعور على تفكير الأفراد وأنماط حياتهم وحتى على أفكارهم السياسية.
لا يرغب الناس في أن يكونوا وحيدين، ويريدون أن يكونوا مع الطرف الفائز، ويعتقدون أن ذلك سوف يتحقق بتبني آراء الأغلبية. وفي الوقت ذاته، فإن حاجتهم إلى الشعور بالانتماء تجعلهم يقبلون بالقواعد والمعايير التي تمت الموافقة عليها من قبل الأغلبية.
وهو المعادل العلمي للجملة التي كثيرا ما نسمعها تتردد في حياتنا اليومية "كان من الواضح أن هذا ما سيحدث".
يواجه الناس الكثير من الأحداث والظواهر اليومية في حياتهم الاجتماعية ومكان العمل وعند اتخاذ قرارات الاستثمار.
وفي أثناء مواجهة هذه الأحداث، يختبر الأشخاص عددا من المشاعر المتداخلة، مثل الفرح والخوف والحزن والغيرة، خاصة عندما يتعرضون للضغط الشديد أو يكونون غير قادرين على اتخاذ القرارات.
عند إجراء معاملات كبيرة الحجم في سوق الأوراق المالية -على سبيل المثال- وفي حال كان المصدر المالي لهذا الاستثمار قرضا، فقد يعاني الشخص مثل هذه الحالة العاطفية، وقد يتسبب ذلك في اتخاذ جملة من القرارات الخاطئة المصحوبة بشعور الإدراك المتأخر، وبالتالي خسارة محفظته المالية.