عادة ما يرتبط مفهوم ريادة الأعمال Entrepreneurship بالمشاريع المتعلقة بالحلول الابتكارية التي تغطي حاجة الجمهور في نطاقات معينة، عبر تقديم منتجات أو خدمات مختلفة، يتم الانطلاق من خلالها وتطويرها بشكل مستمر لتحقيق الربح المادي، والتوسع مستقبلاً من خلال أفكار خارج الصندوق لديها قدر من المرونة والتأقلم في بيئات لا تخلو من المخاطر.
وبينما تتطلب ريادة الأعمال سمات شخصية خاصة؛ أهمها الشغف بالفكرة والإيمان بها والقدرة على تطويرها، مع التحلي بروح الإبداع والمغامرة، فضلاً عن تحمل المخاطر، والمرونة والقدرة على التطوير المستمر، فعادة ما يقع عديد من رواد الأعمال في أخطاء شائعة، لا سيما في مرحلة البدايات، قد تدفع بعضهم إلى توقف المشروع وانتهاء الحلم.
تسهم مشاريع ريادة الأعمال في إيجاد حلول مبتكرة في قطاعات مختلفة، فضلاً عن تنمية وتطوير القدرات البشرية، وتحسين مستوى معيشة الأفراد من خلال إيجاد فرص عمل من شأنها المساهمة في تحريك عجلة النشاط الاقتصادي، لتصبح تلك المشاريع جزءاً لا غنى عنه ضمن محركات الاقتصادات المختلفة، وملجأ عديد من الشباب الطموح الساعي إلى تحقيق ذاته بعيداً عن الأعمال الروتينية التقليدية، متقفياً أثر تجارب عالمية ناجحة صار أصحابها يشار إليهم بالبنان وتضرب بهم الأمثال في النجاح.
إن البدء في بناء مشروع جديد من "الصفر" يتطلب جهداً واسعاً وعملاً دؤوباً، وتخطيطاً استشرافياً يُراعي عوامل السوق المتقلبة قدر الإمكان، مع قدرة على قياس المخاطر وسبل التعامل معها.. وفي هذا السياق، إليكم مجموعة من الأخطاء الشائعة المتكررة التي عادة ما يقع فيها رواد الأعمال، ومجموعة من النصائح لتفادي السقوط في تلك الأخطاء:
الفشل مجرد بداية للنجاح
في البداية، يقدم الاستاذ بكلية ميريماك الأميركية، جوزيف ستاسيو، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" مجموعة من النصائح لرواد الأعمال، لتفادي الأخطاء الشائعة، على النحو التالي:
يجب ألا يقبل رواد الأعمال الفشل أبداً.
الفشل ليس أكثر من فرصة لمتابعة الفرص الموجودة بالفعل بسبب عدم القدرة على النجاح في التجربة الأولى.
ريادة الأعمال هي أسلوب حياة.. إنها طريقة للتواصل مع العالم.
يعيش رواد الأعمال في مواجهة التحدي المتمثل في صنع شيء من لا شيء.
على رواد الأعمال استمرار الرحلة بغض النظر عن أية عقبات.. يجب أن يكون ذلك هو شعارهم.
ويشير إلى أنه "في كثير من الأحيان، يخطئ رواد الأعمال في عدم وجود تخطيط مناسب للحاجة إلى المال"، ويعد ذلك من بين أبرز الأخطاء الشائعة المشتركة التي يقع فيها الكثير منهم، مشدداً على أنه "بالطبع رأس المال مهم.. هناك دائماً الكثير من رأس المال للخطط الجيدة".
ويضيف أيضاً: "يحتاج رواد الأعمال إلى فريق رائع لمساعدتهم.. لا يمكن أن ينجحوا وحدهم"، إضافة إلى أنه "يجب ألا يقع رواد الأعمال في حب أفكارهم، يجب أن يكون هناك بعض الدعم الموضوعي من السوق لهم، وإلا ستفشل الفكرة"، في إشارة إلى أهمية عدم المبالغة في تقييم الفكرة دون دراسة السوق ومدى تقبلها لهذه الفكرة وتفاعلها معها.
ويُنصح عادة في مشاريع ريادة الأعمال اتباع مجموعة من الخطوات الدقيقة، بداية من تحديد الفكرة وأبعادها وأهدافها الرئيسية، ثم دراسة السوق وجمع المعلومات (دراسات الجدوى) ومن ثم الشروع في تعديل الفكرة وفق المعلومات المتاحة وبناء خطة عملية للتنفيذ بما يتضمن تحديد الموارد وحجم رأس المال المناسب. ثم بدء عملية التنفيذ مع خطة للتطوير لاحقاً، ثم التقييم وقياس رد الفعل والعائد.
خمسة أخطاء شائعة
باحث الدكتوارة في ريادة الأعمال بجامعة سيراكيوز الأميركية، محمد جنيدي، يشرح في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، خمسة من أبرز الأخطاء الأكثر شيوعاً بين رواد الأعمال في الشرق الأوسط، بناءً على دراسات ريادة الأعمال المختلفة، على النحو التالي:
التقليل من تقدير صاحب المشروع لدور وأهمية "شبكة" الأعمال"، مثل الموردين والعملاء والمؤسسات العامة وأي أصحاب مصلحة آخرين ذوي صلة.
المبالغة في تقدير الفكرة والمنتجات أو الخدمات، ذلك أنه عادة ما يكون رواد الأعمال مهووسين ومبالغين في قناعاتهم بأفكارهم، وهذا يدفعهم إلى تجاهل عديد من العوامل المهمة التي قد تؤدي إلى فشل أعمالهم.
الأيديولوجية السلبية تجاه الفشل: يميل رواد الأعمال والناس بشكل عام إلى رؤية الفشل على أنه شيء سلبي.. لا أوافق على أن الأمر كذلك إلى حد ما، ولكن مع الفشل يأتي التعلم، والذي عادة ما يتم تجاهله أو إغفاله من قبل رواد الأعمال. وعادة ما يغرق رواد الأعمال بفشل أعمالهم، ولا يتعلمون من تجاربهم الفاشلة، والتي بدورها تنتهي بمزيد من الفشل في المستقبل (من خلال تكرار أخطاء مماثلة أو ذات صلة).
خطأ شائع آخر، خاصة بين رواد الأعمال في الشرق الأوسط، هو أنهم يتوقعون عوائد "مبكرة" من أعمالهم.. هذه التوقعات تجعلهم يفضلون العوائد قصيرة الأجل (الربح) على حساب العوائد المستقرة طويلة الأجل. كما أنها تجعلهم أقل عرضة لإعادة الاستثمار في أعمالهم للنمو والتوسع.
أخيراً وليس آخراً، أكثر الأخطاء شيوعاً أيضاً بين رواد الأعمال المحتملين في الشرق الأوسط، هو أنهم يقللون من شأن العالم خارج وطنهم الأم. على وجه التحديد، عادة ما تكون مقيدة بسوقها الإقليمي وعملائها ومقدمي الأموال الإقليميين.