تنتهي خلال الأيام القليلة المقبلة المدة التي أعلنها رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي لجمع نحو ملياري دولار من برنامج الطروحات الحكومية قبل نهاية يونيو/حزيران الجاري من دون الإعلان عن قيمة ما تم بيعه حتى الآن.
وتعوّل الحكومة المصرية على نجاح برنامج "الطروحات الحكومية" في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة، من أجل فتح آفاق للاستثمارات الأجنبية، حسب تصريحات وزير المالية المصري محمد معيط، منتصف مايو/أيار الماضي، مشيرا إلى أنه من المستهدف 2 مليار دولار قبل نهاية العام المالي الحالي.
وباعت مصر حصة من شركة "المصرية للاتصالات" الحكومية الشهر الماضي، بقيمة 3.747 مليارات جنيه (ما يعادل 121 مليون دولار)، عبر طرح 10% من أسهم الشركة لمستثمرين في البورصة المحلية.
وفي صفقة أخرى، وصفتها مواقع محلية بأنها الأولى في برنامج الطروحات الحكومية، باع بنك مصر (حكومي)، الشهر الماضي أيضا، كامل حصته في "شركة البويات والصناعات الكيماوية" (باكين) إلى شركة إماراتية في صفقة بلغت قيمتها 771 مليون جنيه (25 مليون دولار).
ولم تفصح الحكومة المصرية عن أي صفقات أخرى، أو إجمالي ما تم بيعه حتى الآن من أصل المبلغ المستهدف الذي يبلغ نحو ملياري دولار من برنامج الطروحات الحكومية قبل نهاية يونيو/حزيران الجاري على الرغم من تفويض الصندوق السيادي للتفاوض مع الجهات الاستثمارية لتنفيذ برنامج الطروحات.
وكانت مصر أعلنت -فبراير/شباط الماضي- عزمها طرح 32 شركة مملوكة للدولة على مدار عام كامل، لمستثمرين إستراتيجيين أو للاكتتاب العام في البورصة المصرية أو كليهما، لتوفير النقد الأجنبي.
وكشف رئيس الوزراء المصري حينها عن أن برنامج الطروحات الطموح سيبدأ في الربع الأول من العام الحالي حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل، وإنجاز ما لا يقل عن 25% من الطروحات خلال الـ6 أشهر الأولى من البرنامج.
ويعد برنامج الطروحات جزءا من وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تهدف إلى زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد إلى الضعف وجذب 40 مليار دولار من بيع حصص الدولة في بعض الأصول بحلول عام 2026 لمستثمرين إستراتيجيين، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وتشمل عمليات البيع 18 قطاعا ونشاطا اقتصاديا، وتضم حصصا في 3 بنوك بارزة هي بنك القاهرة والمصرف المتحد والبنك العربي الأفريقي الدولي، إلى جانب شركات تأمين وكهرباء وطاقة وفنادق وشركات صناعية وزراعية.
من جهته، يرى أستاذ الاقتصاد ورجل الأعمال المصري محمود وهبة أن مصر لم تلجأ إلى طرح فكرة بيع الأصول المملوكة للدولة إلا بعد أن أصبحت غير قادرة على الوصول إلى أسواق الدين الخارجية، وعزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار بعد الحرب الروسية الأوكرانية وخروج رؤوس الأموال بوتيرة متسارعة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد وهبة أن بيع الأصول متعثر لأسباب تتعلق بوضع الاقتصاد المصري الصعب، وحذر المستثمرين من الدخول في بيئة اقتصادية ضبابية، خاصة بشأن وضع قيمة الجنيه المصري.
وفي السياق، أكد تقرير لوكالة رويترز أن مصر تواجه مهمة بالغة الصعوبة لجمع السيولة المطلوبة لسداد فاتورة ديونها الخارجية بعدما ارتفع الاقتراض الخارجي في الأعوام الثمانية الماضية إلى 4 أمثاله، بسبب تمويل بناء العاصمة الجديدة ومشاريع البنية التحتية وشراء أسلحة.
وتعهدت دول خليجية بضخ استثمارات بمليارات الدولارات من خلال شراء حصص في تلك الشركات المزمع طرحها من قبل صندوق مصر السيادي، لدعم الاقتصاد المصري وتخفيف الضغط على العملة المحلية التي تواجه ضغوطا كبيرة.
من ناحيته، يعتقد وكيل وزارة الاقتصاد المصري السابق عبد النبي عبد المطلب أن الحكومة المصرية لم تنفذ بعد برنامج الطروحات على الوجه الذي كانت تتوقعه قبل عدة أشهر، بسبب فشل أغلب المفاوضات مع الشركاء الخليجيين.
وأرجع عبد المطلب، في حديثه للجزيرة نت، تعثر عمليات البيع حتى الآن إلى رغبة المستثمرين في أن يكونوا قادرين على التنبؤ بسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وخوفهم من شح الدولار في مصر، ومن ثم وجود صعوبات في تحويل أرباحهم، وهو ما أدى إلى عدم قدرة مصر على جمع 2 مليار دولار من برنامج الطروحات حتى الآن.
وقد تعهد البنك المركزي المصري بأن تكون العملة المحلية أكثر مرونة، لكن الجنيه المصري لم يتحرك مقابل الدولار منذ 3 أشهر في البنوك المحلية وظل عند نحو 30.9 جنيها للدولار الواحد، في حين يتم تداوله في السوق السوداء عند نحو 40 جنيها مقابل الدولار الواحد.
ولم يستبعد الخبير الاقتصادي أن تحاول الحكومة المصرية التعجيل بوتيرة البيع في الفترة المتبقية من يونيو/حزيران الجاري من خلال الاتفاق على بيع حصص لبعض الأصول سواء شركات أو بنوك، بهدف خروج تقرير من الصندوق النقد يؤكد التزام مصر بجزء كبير من تعهداتها لإعطاء رسالة طمأنة للمستثمرين.