كشفت مصادر في البرلمان المصري عن نقل أعمال المجلس إلى مقره الجديد في العاصمة الإدارية، التي يجري إنشاؤها حالياً شرق القاهرة في اتجاه مدينة السويس، بداية من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بالتزامن مع
بدء دور انعقاده السنوي الثاني للفصل التشريعي، وإرجاء نقل أعمال مجلس الشيوخ لمقر العاصمة الجديدة إلى دور انعقاده
السنوي الرابع في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن شركة "المقاولون العرب" المسؤولة عن تنفيذ مبنى البرلمان في العاصمة الإدارية
أوشكت على الانتهاء من تجهيزاته بعد عمل دام لنحو 27 شهراً، تمهيداً لانعقاد مجلس النواب في المقر الجديد بعد شهور
قليلة، كما أن شركة العاصمة الإدارية (يستحوذ الجيش على نسبة حاكمة فيها) ستعلن رسمياً عن الانتهاء من المشروع
بنهاية يونيو/ حزيران المقبل.
وأضافت المصادر أن تكلفة إنشاء مبنى البرلمان الجديد بغرفتيه (النواب والشيوخ)، بلغت نحو 4.8 مليارات جنيه من أصل 50
ملياراً مخصصة لإنشاء الحي الحكومي في العاصمة الجديدة، والذي يقع على مساحة تعادل 150 فداناً، ويتضمن 10 مجمعات
تضم 34 مقراً وزارياً، باستثناء وزارتي الدفاع والداخلية، إضافة إلى مبنى رئاسة الوزراء، ومبنى مجلسي النواب والشيوخ.
وتابعت أن موازنة الدولة للعام المالي الجاري (2020-2021) تحملت ما يقرب من 7 مليارات جنيه لصالح مجلسي النواب
والشيوخ، متضمنة تكلفة إنشاء المبنى الجديد للبرلمان، جراء تخصيص نحو مليار و606 ملايين جنيه لتغطية بدلات ومكافآت
أعضاء مجلس النواب السنوية، بالإضافة إلى رواتب العاملين في المجلس، و500 مليون جنيه لصالح موازنة مجلس الشيوخ،
علماً أن مخصصات العاملين في مجلس الشورى السابق هي مدرجة في الأصل في موازنة مجلس النواب.
ويعد مقر البرلمان المصري الجديد هو الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، إذ إنه شيد على مساحة 26 فداناً (الفدان يعادل
4200 متر)، وتتسع القاعة الرئيسية لنحو ألف عضو، بمسطح يعادل 3 أضعاف المبنى الحالي لمجلس النواب في وسط
القاهرة، فضلاً عن احتوائه على مجموعة من المباني الخدمية المنفصلة، تشمل دورا للعبادة، ومركزا طبيا، ومبنى للشرطة،
ووحدة إطفاء، وسجلا مدنيا، وقاعات استماع، ومراكز للإعلام والمعلومات والتدريب.
كما أشارت المصادر إلى أنه من المقرر نقل تبعية مبنى البرلمان التاريخي في القاهرة إلى "صندوق مصر السيادي" غير الخاضع
للرقابة، والذي يملك الرئيس عبد الفتاح السيسي سلطة نقل ملكية أي من أصول الدولة المستغلة أو غير المستغلة إليه،
عقب الانتهاء من جميع إجراءات نقل مجلسي النواب والشيوخ، على غرار نقل مجمع التحرير، ومقر وزارة الداخلية القديم،
والمقر السابق للحزب الوطني (المنحل) على طريق كورنيش النيل للصندوق.
ويضم مقر البرلمان في العاصمة الإدارية 720 مكتباً واستراحة للنواب، ومقرات لعدد 30 هيئة حزبية، و30 لجنة عامة، يتوسطها
26 عموداً فرعونياً، و233 عموداً للديكور، وذلك بمساحة تعادل 110 آلاف متر مسطح، بمساحة بنائية تبلغ 225 ألف متر مربع،
وهو عبارة عن بدروم وأرضي و8 أدوار متكررة، يعلوه قبة هي الأعلى على مستوى العالم بارتفاع 65 متراً، كما يضم المبنى ساحة انتظار تحت الأرض بمسطح 74 ألف متر لاستيعاب 1500 سيارة.
كما يناقش مجلس النواب على مدار جلساته المنعقدة أيام الأحد والاثنين والثلاثاء من هذا الأسبوع، مشروع
قانون اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ، الذي يكاد يكون معطلاً منذ انعقاده في 18 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إيذاناً
بتشكيل لجانه النوعية البالغة 14 لجنة، وبدء أعماله، حيث لم ينعقد المجلس سوى مرتين فقط، الأولى لانتخاب هيئة مكتبه
(الرئيس والوكيلان)، والثانية لإحالة لائحته الداخلية إلى رئيس الجمهورية.
كما أقر مجلس الشيوخ في مشروع اللائحة منح أعضائه مكافأة شهرية تعادل الحد الأقصى للأجور بقيمة 42 ألف جنيه، وهي
مُعفاة من جميع أنواع الضرائب والرسوم، ولا يجوز التنازل عنها، وتقاضي رئيس المجلس مكافأة مساوية لمجموع ما يتقاضاه
رئيس الوزراء، وكل من وكيلي المجلس مكافأة مساوية لمجموع ما يتقاضاه الوزير في الحكومة.
يذكر أن النائبة في مجلس النواب عن حزب "الإصلاح والتنمية"، راوية مختار، قد تقدمت بطلب إلى رئيس المجلس، حنفي
جبالي، للمطالبة بإعادة المداولة (المناقشة) على المادة 234 من مشروع لائحة مجلس الشيوخ، والتي نصت على "عدم
جواز سفر أحد النواب إلى خارج البلاد، إلا بإذن مسبق من رئيس المجلس، وبناءً على طلب كتابي منه، يبين فيه وجهته،
وسبب سفره".
الى ذلك اعتبرت النائبة أن ما ورد في المادة هو أحد أشكال الوصاية غير المقبولة على نواب البرلمان، والذي يجب أن يتاح لهم حرية
التنقل المكفولة لجميع المواطنين على حد سواء، بموجب المادة 62 من الدستور التي نصت على أن "حرية التنقل والإقامة
والهجرة مكفولة، ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه".
كما أنشئ مجلس الشيوخ بموجب تعديلات الدستور الأخيرة لإرضاء ومجاملة أكبر عدد من رجال الأعمال والسياسيين
والإعلاميين الموالين للسيسي، وتحصينهم من أي مساءلة قضائية تخص أنشطتهم، مقابل الاستفادة من خدماتهم في
تثبيت أركان النظام، لا سيما أن الغرفة الثانية للبرلمان "منزوعة الصلاحيات"، ولا تملك سوى إبداء الرأي - غير المُلزم - في
مشاريع القوانين المُحالة إليها من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب.