عندما يتحول السياسي لاقتصادي/
مقال بقلم/د. محمد مشتهى
أنت كسياسي لا مشكلة أن يكون لديك أكثر من مزرعة وأكثر من شركة وأكثر من سيارة وأكثر من بيت، بشرط أن
يكون كل ما سبق هو ملك شخصي لك ولأبنائك وأحفادك،
وفي النهاية هذا لا يؤثر على أدائك السياسي، لكن بمجرد أن تضع يدك في الروضة والمدرسة والمصنع والسيارة والسوبرماركت والشركة التي هي مرتبطة بتنظيمك فهذا
يعتبر مقتل، لأن وضع السياسي يده على المفاصل المالية في التنظيم فإنه حتما سيؤثر ذلك على نزاهة وكفاءة تداول
السلطة على تلك المواقع السياسية، وفي اللحظة التي يضع
السياسي يده على مراكز القوة فإنه من الممكن أن يضغط على الناس بما يمتلك من مصادر قوة، وبالتالي يصبح التنظيم يعاني من الشللية والفساد، وفي اللحظة التي يكون
فيها المسؤول السياسي ليس له علاقة بالمفاصل المالية ويتم تكليف تلك المفاصل لأصحاب الإختصاص هذا من شأنه أن يقلل فرص التحكم بالناس، مما يجعل الناس أقل
حاجة لهذا المسؤول السياسي، أقل حاجة له من ناحية التوظيف ومن ناحية المساعدات ومن ناحية الإقراض وبالتالي تصبح الناس أكثر حرية في إختيار مسؤولها السياسي.
امتيازات
المسؤول السياسي نعم ممكن يكون لديه امتيازات لكن لا يجوز أن يتدخل في كل شيئ، يتم رفع الملفات له.. هذا صحيح، لكن ليس كل صغيرة وكبيرة يجب أن يتدخل فيها.
العمل الاجتماعي يختلف عن العمل الدعوي، يختلف عن العمل الاقتصادي، وكذلك يختلف عن العمل السياسي، كل
عمل مطلوب أن يكون له أطره واختصاصاته، والمسؤول السياسي اختصاصه العمل السياسي وليس العمل الاقتصادي.
وإن امتلاك المسؤول السياسي عقارات وأملاك وشركات خاصة به وموظفين يعملون في حدود أملاكه، هذا لا يمنعه ولا يعيبه أن يكون مسؤولا سياسيا، لكن الموظفين في
مؤسسات التنظيم هم ليسوا موظفين عند هذا المسؤول السياسي أو عند أبناء ذاك المسؤول السياسي، فالمسؤول
السياسي هو عضو في التنظيم مثله مثل غيره، هو مناضل
مثله مثل غيره، ولا يجوز للمسؤول السياسي أن يصنع موظفين عنده
بأموال التنظيم، لأنه في النهاية سيخلق
موظفين أتباع له كونه يمتلك المال، وبهذه الحالة يمكن أن نتخيل ما الذي سيحدث للتنظيم؟!!
النهوض بالتنظيم
لذلك النهوض بالتنظيم يتم من خلال الكفاءة وليس بِلَي الذراع، ولا ينهض التنظيم بالتهديد والوعيد، والسياسي
الذي يمارس هكذا سلوك هو يصنع أصنام وفراعنة تُعبد من دون الله، ومن الممكن لهذا السياسي أن يتعامل مستقبلا بتلك الأملاك التنظيمية وكأنها أملاك خاصة به يأوي إليها من
يشاء ويطرد منها من يشاء دون أي شعور منه بأنه يتصرف بأملاك تنظيمية ظنا منه بأنها أصبحت ملكا له مع مرور
الزمن، وأنه مفروض أن يبقى على رأس تلك الأملاك الى أن تقوم الساعة.
إن أول دلالة لفساد المسؤول السياسي هو عقد الثقة لشخص واحد إلى أبد الآبدين، ألم يخلق الله أطهارا وأنقياء وحريصين واداريين مثله في التنظيم؟! هل مطلوب أن
يكون هو كل شيئ؟! هل هو مطلوب أن يكون شخص واحد هو مسؤول على الجمعيات والشركات والمدارس والروضات
والمصانع والفنادق والمحلات ووو؟ نعم ممكن يكون
مسؤول على شيئ، لكن ايضا هناك 100 واحد ممكن يكونوا مسؤولين مثله وربما أفضل منه، لذلك هذه دلالات سيئة داخل التنظيمات تجعل من المسؤول السياسي أن
يقتطع حصة خاصة به من أملاك التنظيم، تلك الحصة بعد فترة من الزمن يتم ادراجها ضمن أملاكه الخاصة ثم يدخل
التنظيم في متاهة لاستعادة تلك الأملاك، والتي ربما يستعيدها كليا أو جزئيا.
لذلك مطلوب من التنظيمات الفتية العفية أن تؤسس أطر داخلها ذات اختصاصات وألا يتم التداخل بين اختصاص
وآخر، ثم مطلوب تحريك الكادر في تلك الاختصاصات وعمل إدارات تأخذ دورها حتى لا يحدث التكلس التنظيمي
وبناء الممالك الخاصة، ودون ذلك سيورِّث ليس فساداً تنظيميا فقط بل سيصبح نفر من الناس يشترون ويبيعون في بقية الناس.
تابعنا على تويتر