تزامنا مع الاحتجاجات والاضطرابات التي هزت كازاخستان، إحدى أهم 3 دول في العالم في تعدين العملات الافتراضية، تراجع سعر البتكوين في أوائل يناير/كانون الثاني إلى ما دون 40 ألف دولار.
في تقرير نشرته صحيفة "غازيتا" (gazeta) الروسية، تقول الكاتبة أوكسانا ريشيتوفا إن سعر البتكوين شهد ارتفاعا طفيفا في 11 يناير/كانون الثاني، حيث تم تداولها في حدود 41.7 ألف دولار.
ويرى عدد من الخبراء أن الأزمة السياسية في كازاخستان لعبت دورا مهما في هذا الانخفاض، حيث تناهز حصة البلاد من التعدين العالمي للبتكوين نحو 18%، لكن هناك عوامل أخرى ساهمت في هبوط سعر العملة الرقمية الأولى عالميا.
يرى أرتيم ديف المحلل الرئيسي في شركة "إيه ماركتس" أن انخفاض سعر صرف البتكوين وغيرها من العملات المشفرة في نهاية العام الماضي، يعزى بالأساس إلى الإجراءات الجديدة في سوق الأسهم.
ويؤكد ديف أنه بعد ارتفاع معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة إلى 6.2%، وهو مستوى قياسي لم تشهده الولايات المتحدة منذ أكثر من 30 عاما، بات من الواضح أن بنك الاحتياطي الفدرالي يقترب من تشديد السياسة النقدية عبر رفع أسعار الفائدة.
ويتابع ديف أن الإيرادات العائدة من الاستثمار في الأسهم والعملات وجميع الأصول الخطرة، بما في ذلك العملات المشفرة، تنخفض تلقائيا مع رفع أسعار الفائدة، لذلك تجنب المستثمرون خلال الفترة الماضية المخاطرة بشراء البتكوين والإيثر والعملات الرقمية الأخرى.
ويعتقد ديف أن تطورات الوضع في كازاخستان كان لها أيضا تأثير سلبي على سعر صرف البتكوين.
من جانبه، يقول المحلل المالي في شركة "فينام" للخدمات المالية سيرغي بيريخود، إن حجم التعدين في كازاخستان شهد تطورا كبيرا بعد النزوح الجماعي للعاملين في هذا المجال من الصين، بسبب الضغوطات التي تمارسها السلطات الصينية على العملات الرقمية.
ويضيف بيريخود أن كازاخستان أصبحت تحتل المركز الثالث عالميا في مجال تعدين العملات المشفرة، ونتيجة تعليق الإنترنت بعد تصاعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة، انخفض إجمالي قوة الحوسبة لمعدات التعدين بنسبة 13%.
لكن الخبير في سوق الأصول المشفرة آرون تشومسكي، فيرى أن الأحداث في كازاخستان لم تؤثر على سوق العملات المشفرة، وأن الهبوط الذي تشهده أسعار هذه العملات يعزى فقط إلى مستويات العرض والطلب.
وبلغت قيمة العملة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعلى مستوياتها، متجاوزة عتبة 68 ألف دولار. وفي ظل انخفاض الطلب، يتوقع تشومسكي أن تتراجع قيمة البتكوين إلى ما دون 30 ألف دولار.
يرى ديف أن ارتفاع سعر البتكوين والعملات المشفرة الأخرى خلال الفترة القادمة يرتبط بمدى استقرار وضع الاقتصاد العالمي وخفض البنوك المركزية أسعار الفائدة، لأن مثل هذه الظروف سوف تجذب المستثمرين إلى الأصول الخطرة.
ويضيف ديف "بالنظر إلى أن هذا العام سيشهد فترة من الزيادات الواسعة النطاق في أسعار الفائدة من قبل البنوك، فمن المستبعد تسجيل مثل أي ارتفاع قبل النصف الثاني من عام 2022، عندما يعود المستثمرون بقوة إلى العملات الرقمية. قد يحدث ذلك إذا بلغ سعر تداول البتكوين ما بين 20 و30 ألف دولار".
ويتابع ديف "القيمة المنخفضة للأصول ستغري الكثيرين بالاستثمار في العملات المشفرة، وتدفع الأسعار في مرحلة لاحقة إلى الارتفاع".
من جانبه، يرى بيريخود أن سوق الأسهم الأميركية سلطت ضغطا كبيرا على العملات المشفرة، وعلى البتكوين تحديدا خلال الآونة الأخيرة. ويعتقد أنه في أسوأ الأحوال، قد يصل سعر صرف العملة إلى 36 ألف دولار.
وبحسب تشومسكي، فإنه كلما تسارع انخفاض سعر البتكوين نحو 30 ألف دولار، ارتفعت احتمالات عودته بسرعة إلى أعلى مستوياته السابقة، وقد يحدث ذلك في النصف الثاني من عام 2022.