قال تقرير بصحيفة "لوبوان" الفرنسية؛ للكاتبين بنيامين كوينيل وماري دانسر، إن كونستانتين سيمونوف، مدير خلية فكرية لأمن الطاقة الوطني يعتقد أنه لن يكون للرحيل المعلن للشركات الدولية آثار خطيرة على قطاع الطاقة الروسي، لأن أعمال بعض المشاريع الجارية قد بدأت بالفعل وستستمر معها أو دونها.
وبعد شركة بريتيش بيتروليوم BP، أعلنت شركة شل البريطانية العملاقة للنفط Shell الثلاثاء الثامن من مارس/آذار عزمها الانسحاب من النفط والغاز الروسي "بشكل تدريجي، تماشيًا مع التوجيهات الجديدة للحكومة البريطانية" بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويؤكد سيمونوف، بحسب كاتبي التقرير، أن الحكومة صنفت المستثمرين الغربيين إلى ثلاث مجموعات، وإثر ذلك؛ ستقوم بدراسة عواقب خروج كل منها من السوق الروسية.
ويقول سيمونوف "بعد هذا الانسحاب الجماعي لبعض الشركات، يظل السؤال الرئيسي: هل الدول الغربية مستعدة لوقف استيراد النفط والغاز من روسيا؟ وهل ستكون تكلفة ذلك باهظة مع العلم أن شحنات النفط الروسي ليست موثوقة فحسب ولكنها رخيصة أيضًا".
ينقل الكاتبان عن أوليفييه أبيرت، عضو أكاديمية التقنيات ومستشار مركز الطاقة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، قوله إن شركات الطاقة الأجنبية والمجموعات الصناعية تجلب التمويل والتكنولوجيا والمهارات إلى روسيا، كما في مشروع يامال للغاز الطبيعي المسال yamal بقيادة شركة نوفاتك الروسية russe Novatek التي اعتمدت بشكل خاص على توتال إينرجيز وتكنيب Technip ؛ مبينًا أنه إذا انسحبت هذه الشركات، فستجد موسكو صعوبة أكبر في تطوير إمكاناتها في مجال الطاقة.
ويلفت الكاتبان إلى أن العقوبات الغربية بدأت في التأثير على صادرات النفط الروسية، وإذا ارتفعت أسعار النفط، فإن سعر برميل النفط الخام من جبال الأورال سوف يتراجع مقارنة بخام برنت، لأن المشترين الغربيين يخشون ردود فعل الحكومات والممولين والمنظمات غير الحكومية، حسب أبيرت، الذي يؤكد أنه من الصعب نقل النفط الروسي لأن الشركة الوطنية سوفكمفلوت Sovcomflot تعرضت للمقاطعة، ولأن بعض شركات النقل لم تعد تقبل عقود شحن روسية جديدة.
أبيرت أشار إلى أنه يمكن لموسكو بالتأكيد أن تتجه إلى آسيا؛ حيث ارتفع سعر خام الأورال، ورغم اعتماد روسيا على صادرات النفط المتجهة إلى الصين، فإن زيادة هذه الصادرات تتطلب بناء خطوط أنابيب جديدة.
اعتبر أبيرت -بحسب ما نقل الكاتبان- أن الحصار الكامل على النفط والغاز يمكن أن يلحق الضرر بالاقتصاد الروسي، وهو ما بدأت به الولايات المتحدة؛ حيث فرضت هذا الحظر الكامل يوم الثلاثاء الثامن من مارس/آذار، وهو ما لن يؤثر على أميركا كونها من الدول المصدرة للنفط والغاز.
ويختتم الكاتبان تقريرهما بما يقوله أبيرت من أنه إذا تمكنت أوروبا من إعادة توجيه مشترياتها من النفط في المستقبل، فلا يمكنها الاستغناء عن الغاز الروسي؛ حيث تعتمد ألمانيا عليه بنسبة 50%.
وفي الواقع؛ لا يمكن للطرفين الاستغناء عن بعضهما -حسب أبريت- فالروس بحاجة إلى العملة الأجنبية والأوروبيون بحاجة إلى الطاقة، وقد ظلت هذه المبادلات التجارية ناجحة لمدة 50 عامًا، لكن الحرب الروسية على أوكرانيا قلبت موازين هذه اللعبة الاقتصادية.