يعد كل من التضخم والركود مكونان رئيسان في الاقتصاد الكليّ، مما يعني أنَّ هذه الظواهر أو المشكلات تؤثر بشكلٍ عام على الاقتصاد ككل، بحيث يمكن لكلاهما التأثير في معدلات البطالة، القوّة الشرائية للعملات، قدرة اقتصاد الدولة على النمو بالشكل السليم والصحيح، بالإضافة إلى العديد من الجوانب الأخرى، ونظرًا لكونهما مصطلحان مهمان ومعقّدان نوعًا ما فإنَّ أغلب الأفراد أو الجهات قد لا يستطيعون معرفة الفرق بين كلاهما، وعليه فإننا ومن خلال هذا المقال سنقوم بتوضيح الفرق بين مفهوم الركود والتضخم بشكلٍ مفصّل.
ما المقصود بكل من الركود والتضخم؟
يشير مفهوم الركود Recession إلى انخفاض كبير في النشاط الاقتصاديّ لدولة معينة خلال فترة ما، وقد قام المحللون والخبراء الاقتصاديون بشرح الركود على أنَّه استمرار الانخفاض والتدهوّر في الاقتصاد العام على مدار ربعين متتالين من العام نفسه، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الانخفاض في الناتج المحليّ الإجماليّ والذي ينعكس بدوره على المؤشرات الاقتصاديّة المختلفة كارتفاع معدلات البطالة ومستوى الدخل للأفراد مثلًا، ويمكن الإشارة إلى أنَّ الركود يعتبر أقل حدّة أو قساوة على الاقتصاد من الكساد.[١]
بينما يشير مفهوم التضخم Inflation إلى انخفاض القوّة الشرائيّة الخاصة بعملة بلد ما مع مرور الوقت، ومن خلال ذلك فإنَّه يلاحظ وجود ارتفاع عام في أسعار السلع كنتيجة لحصول التضخم، مما يعني أنَّ الأفراد سيقومون بشراء مجموعة أقل من المنتجات بنفس القيمة المدفوعة سابقًا من العملة، هذا ويعتبر التضخم انعكاسًا لمفهوم الانكماش الاقتصاديّ.[٢]
ما الفرق بين الركود والتضخم؟
يشكّل الركود ظاهرةً مختلفةً تمامًا عن التضخم، بحيث يمتاز كل مفهوم منهما بتأثيرات وانعكاسات مختلفةً عن الآخر، ويمكن تحديد الفرق بين الركود والتضخم من خلال فهم الجوانب الآتية:
التعريف
يكمن الفرق الأساسيّ بين الركود والتضخم في فهم كل مصطلح منهم، بحيث يعرّف الركود اقتصاديًا بأنَّه الانخفاض الإجماليّ في النشاط الاقتصاديّ نتيجةً لانخفاض الناتج المحليّ الإجماليّ على مدار ربعين متتالين، ولكن من جانبٍ آخر فإنَّ التضخم يشير إلى انخفاض القوّة الشرائيّة للعملة في البلد مقابل الارتفاع الملحوظ في أسعار السلع والخدمات التي تقدّمها الدولة خلال فترة محددة. [١][٢]
الأسباب
أسباب حدوث الركود
من الأسباب العامّة لحدوث الركود ما يأتي ذكره:
انخفاض ثقة المستهلك بالاقتصاد الذي سينعكس على حجم الإنفاق الذي يقوم به الأفراد واتّجاههم لاستهلاك الضروريّات فقط.[٣]
ارتفاع معدلات البطالة والتي تعني بدورها عدم امتلاك مصادر ثابتة للدخل وبالتالي التأثير في مستويات الإنفاق للأفراد وحجم المبيعات.[٣]
ارتفاع معدلات الفائدة مما يحدّ من توفّر السيولة اللازمة وخلق التأثير السلبيّ على الاستثمار الخارجيّ.[٢]
زيادة حجم القيّود الحكومية والرقابة على الاقتصاد.[٤]
أسباب حدوث التضخم
من الأسباب العامة لحدوث التضخم ما يأتي ذكره:
الارتفاع الملحوظ في حجم الطلب على بعض السلع أو الخدمات بنسبة أعلى مما يمكن لاقتصاد الدولة إنتاجه أو استيعابه خلال مدة زمنيّة معيّنة مما يؤدي إلى حدوث فجوة بين العرض والطلب.[٥]
ارتفاع تكلفة الإنتاج والتشغيل الأمر الذي يدفع أسعار السلع والخدمات إلى الارتفاع في نهاية المطاف.[٣]
وجود تضخم سابق مبني على مشكلات أو حوادث سابقة حدثت في الاقتصاد خلال الفترات الماضيّة تؤدّي إلى ارتفاع أجور الموظفين التي ستنعكس على ارتفاع تكاليف المنتجات والخدمات.[٣]
طريقة القياس
يتم قياس الركود الاقتصاديّ وتأثيره على الدولة من خلال الرقابة على مؤشرات الناتج المحليّ الإجماليّ (GDP) بشكلٍ مستمر لملاحظة التغييرات التي قد تحدث عليه مع مرور الوقت، في حين أنَّه يمكن قياس التضخم من خلال استخدام المؤشرات الخاصة بأسعار الجملة (WPI) والمؤشر الخاص بأسعار المستهلك (CPI).[٣][٦]
الفترة الخاصة بكل منهما
يمكن أن يحدث الركود فقط في حال وجود ظروف اقتصاديّة معيّنة كتغيّر معدلات الفائدة، انهيار سوق الأسهم، وغيرها، بينما يحدث التضخم في أيّ وقت وذلك لتأثّره المستمرّ في الوضع الاقتصادي للدولة في أيّ لحظة ممكنة.[٣][٦]
النتائج المترتبة على حدوث كل منهما
يترتب على حدوث الركود نتائج وآثار عديدة على المدى الطويل، غير أنَّه من الممكن أن يتسبب بحدوث آثار قصيرة المدى قد تتفاقم وتؤثر على جوانب عديدة على المدى البعيد؛ فمثلًا عند حدوث الركود تضطر الشركات لتسريح موظفيها الأمر الذي لن يمكّن الأفراد من تأمين احتياجاتهم الأساسيّة لعائلاتهم، ومن الممكن أن يؤثر ذلك أيضًا على فرصتهم في التعليم وتوفير بيئة صحيّة ملائمة لهم على المستوى البعيد في حال استمرّت الأزمة لفترة أطول، ومن الناحية الأخرى فقد يؤثر التضخم على تشجيع الاستثمار في الدولة وزيادة الإنتاج والاستهلاك العام فيها إلا أنَّه وفي نفس الوقت سيعمل على تفاقم الوضع الاقتصاديّ بزيادة التضخم لا تقليله.[٣][٦]